كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

571 م. لكن علماء الفلك يقولون: إِنه لا يوجد يوم اثنين في تلك السنة يوافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول (¬1).
أما مكان الولادة من مكة ففيه روايات متعددة، في الدار التي عند الصفا، وقيل في شعب بني هاشم، وقيل بالردم، وقيل بعسفان (¬2).
ووقوع الخلاف في المكان والزمان معقول لأنه لا توجد سجلات للمواليد في ذلك الزمن، وإِنما يعتمد الرواة على الذاكرة وهي تصيب وتخطئ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعرف أنه رسول ويكون في مركز الاهتمام إِلا بعد نزول الوحي عليه على رأس أربعين سنة من عمره، فيتذكر الرواة بعض الأحداث والوقائع قبل ذلك ويحاولون استعادتها، ولهذا يقع الخلاف وتتعدد الأقوال.
قال ابن إِسحاق: فلما وضعته أمه أرسلت إِلى جده عبد المطلب أنه قد ولد لك غلام، فأتاها ونظر إِليه وحدثته آمنة، بما رأت حين حملت به، وحمد الله وشكره، ثم سماه محمدًا. وقد سأل نفر من أصحاب النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحدثهم عن نفسه فقال: "أنا دعوة أبي إِبراهيم، وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام، واسترضعت في بني سعد بن بكر" (¬3).
وأول من أرضعه ثويبة جارية لأبي لهب بلبن ابن لها اسمه مسروح، وأرضعت معه عمه حمزة بن عبد المطلب، وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي (¬4)، ولما بشرت ثويبة أبا لهب بمحمد - صلى الله عليه وسلم - أعتقها، وفي البخاري (¬5): لما مات أبو لهب رآه بعض أهله في النوم
¬__________
(¬1) انظر: محمود باشا الفلكي نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإِسلام وفي تحقيق مولده وعمره عليه السلام ص 28 وما بعدها.
(¬2) عبد الملك العمامي، سعط النجوم العوالي 1/ 247 - 248.
(¬3) ابن هشام، السيرة النبوية 1/ 140 وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك وصححه، ومن طريقه البيهقي في الدلائل 1/ 145 وقال ابن كثير في السيرة 1/ 229: إِسناده جيد قوي. والحديث له شواهد عند أحمد 5/ 262 وغيره.
(¬4) الذهبي، السيرة النبوية ص 18.
(¬5) صحيح البخاري، كتاب النكاح ح رقم 5101.

الصفحة 81