كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

ذلك ورأت البركة من أول يوم أخذت فيه هذا اليتيم، وهكذا ما يختار الله للإِنسان يكون فيه الخير، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬1)
3 - نشأة النبي - صلى الله عليه وسلم - الأولى في البادية -وهي أصفى وأقرب إِلى تزكية الفطرة بجوها الطلق ورباعها الفسيحة- أكسبته الفتوة، وقوة الجسد والأعضاء، وفصاحة اللسان.
4 - في حادثة شق صدره آية من الآيات، وعناية من الباري برسوله، وحماية له وحفظ من الشيطان ونزغاته، وهي إِرهاص مبكر للنبوة.
5 - في رعيه - صلى الله عليه وسلم - للغنم درس للشباب في طلب الكسب الحلال وإِن قَلّ دخله، وفيه بيان للذوق الرفيع والإحساس الرقيق عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان عمه يحوطه بالعناية التامة، لكنه - صلى الله عليه وسلم - أقبلِ على العمل والكسب بنفسه حتى لا يكون كلًا على غيره، وهذا دلالة على شهامة في الطبع، وبذل للوسع، وبر في المعاملة، وسعي لطلب الرزق.
6 - كما أن رعي الغنم قد أتاح له الهدوء الذي تتطلبه نفسه الكريمة، والمتعة بجمال الصحراء، والتطلع إِلى مظاهر جلال الله في عظمة الخلق، ومناجاة الله تعالى في هدأة الليل وظِلال القمر، كما أتاح له لونًا من التربية النفسية على الصبر والحلم والأناة والرأفة والرحمة، والعناية بالضعيف وحفظه عن الهلكة ومواطن الخطر (¬2). وفي هذا كله دربة على سياسة الأمم والشعوب.
¬__________
(¬1) سورة البقرة: الآية 216.
(¬2) علي محمَّد الصلابي، السيرة النبوية 1/ 77.

الصفحة 85