كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

وكاد يقع بينهم الشر احتكموا لأول داخل من باب الصفا، فكان رسول الله هو أول داخل ولما رأوه قالوا: هذا الأمين، ووفق - صلى الله عليه وسلم - في حل الإِشكال بحل أرضى الجميع وحقق العدل وقطع الفتنة، فدعى بثوب ثم وضع الحجر الأسود فيه وقال: ليأخذ كل رجل بطرف الثوب، ثم رفعوه فأخذه بيده الكريمة ووضعه في مكانه (¬1).

حياته (صلى الله عليه وسلم) الخاصة
كان - صلى الله عليه وسلم - يحب مكارم الأخلاق ومشهود له بين قومه بالصدق والأمانة، وقد عرفنا من قبل أنه اشتغل برعي الغنم في مقتبل عمره. ثم اشتغل بالتجارة عن طريق المضاربة والمشاركة بالجهد والعمل حيث لم يكن عنده رأس مال وكانت خديجة بنت خويلد امرأة غنية، ولما علمت بصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمانته أعطته مالها ليتاجر فيه، فخرج إِلى الشام وباع واشترى وكسب شيئًا كثيرًا، وكان معه ميسرة غلام خديجة، وقد ذكر لها من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - وصدقه وأمانته ما رغبها في الزواج منه، فأرسلت إِحدى صديقاتها في ذلك، وتم زواجه - صلى الله عليه وسلم - من خديجة وله من العمر 25 سنة بينما كان عمرها 40 سنة، وقد رزقه الله منها الذرية الطيبة الطاهرة: القاسم، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة. وقد مات الأبناء وهم صغار، أما البنات فأدركن الإِسلام وأسلمن وتزوجن، وكانت وفاتهن قبله إِلا فاطمة. ولم يتزوج رسول الله على خديجة حتى ماتت. وكانت نعم الزوجة في عقلها وتصرفها ونصرتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أثنى عليها رسول الله كثيرًا، وبلّغها السلام من ربها ومن جبريل، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب (¬2).
¬__________
(¬1) إِبراهيم العلي، صحيح السيرة ص 48. والخبر أخرجه الإِمام أحمد في المسند 3/ 425 من حديث السائب بن عبد الله، والحاكم في المستدرك؛ وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. والهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
(¬2) متفق عليه، البخاري ح 3820 ومسلم ح 2432. وانظر: صحيح السيرة ص 46 والقصب: هو اللؤلؤ المجوف.

الصفحة 89