كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

والهوامشِ التي تنيرُ جانباً منه، أو تثير أمراً مشكلاً فيه - أحدَ طريقينِ يذهبُ
فيهما العاملون في هذا التراث، يقابله هذا الطريقُ الآخر، الذي يرى أنْ
يُقتصرَ على إخراج النص مصحَّحاً، مجرّدأ من كلِّ هذا المَلاحظ، خلواً من
كلِّ هذه الهوامش والتعليقات والتمهيدات، وهو ما دعا إليه في الفترة الأخيرة
كثر؟ من المحققين، وأخذوا به، وجهدوا في إشاعته ومتابعته، وحرصوا
على أن يكونَ وحدَه طريقَ التراث إلى الظهور.
ولقد ارتضيتُ الطريقَ الأول الذي سلكته، إيماناً منّي بجدواه، واطمئناناً
إلى عائدته على الفكر العربي المعاصر، الذي يحاوِلُ أن يكشف ذاته، وأن
يدرسَ تاريخه، في النطاق الفني، وفي النطاق الاجتماعي، في سير الحياة
الأدبية بوجدان الأمة، وفي سير الحياة العامة بأحداثها وأقدارها.
وبين هذين الاتجاهين يدورُ شي 2 من حوارٍ، وطرف من حديث،
ويتجاوز الأمرُ آحياناًالحديثَ والحوارَ إلى شيءٍ من النقاش، وما يجرُّ إليه
النقاشُ من نقدٍ آو حُكبم أو تقييمٍ.
ولعلّي كنتُ استمعتُ إلى بعض النقدات والإشارات حين أخرجتُ الجزء
الأول والثاني (1)؟ وربّما كنتُ أشيرُ إليها، من غيرِ قصد مني إلى ذلك، في
طرفٍ مما قلته في مقدمة الجزء الثاني حين تحدّثتُ عن تجنُّب الجهد، وإيثار
العافية، في نشر تراثنا القديم.
والحق أنه كان في ثفسي منذُ حينٍ، من امر تفضيل واحد من هذين
الاتجاهين آو تغليبه، شى 2 لا اكادُ أنتهى فيه إلى رآي. . . وقد ظللتُ آداورُه
وأحاورُه،! آكشفه و! أسرّه، و! أبينُ عنه و! آسًكتُ عليه. . . حتى إذا
كانتِ (الخريد؟) في جزايها الأؤلَيْن، بدا لي في هذا الاتجاهِ رأفي، لم أتردد
في الأخذِ به، وفي الاستجابة إليه، ثم استحكم هذا الرأيُ مع الم! ارسة
المتصلة، والنظر في التراث المنشور. . . فلفا كانت تجربةُ هذا الجزء الثالث
من الخريدة أضحى من واجبي أن أقول، في غير ما تردد: إنّ كثرةً من تراثنا
(1) من الخريدة (ن).
100

الصفحة 100