كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

كتابه ذيلاً على "يتيمة الدهر" للثعالبي المتوفى سنة (429 هـ)، والثعالبيُّ جعل
كتابه ذيلأ على كتاب "البارع " لهارون بن علي المنجّم المتوفى سنة (288 هـ).
ثم إنّ العماد ذيّلَ (الخريدة) بكتابه "السيل على الذيل " ثم غبرت قرونٌ
جاء بعدها أبو العباس الخفاجي المتوفى سنة (069 أهـ)، فألف كتابه
"ربحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا" واختار فيه لشعراء الشام ومصر والمغرب
وجزيرة العرب، ثم أتمَّ عمل الخفاجي عالمان: أوّلهما المحبِّي صاحب
"خلاصة الأثر" المتوفى سنة (1 1 1 أ هـ) في كتابه "نفحة الريحانة ورشحة طلا
الحانة " والثاني علي المدني المعروف بابن معصوم في كتابه "سلافة العصر في
محاسن الشعر بكل مصر".
"وكتابُ (ا الخريدةِ) - والقولُ للدكتور شكري رحمه اللّه - من خيرِ كُتُبِ
العماد، آنفق في جمعها فترةً طويلةً من حياته الحافلة، مذ كان يدرّس في
النظامية في بغداد، واستعان عليه! بأسفارِهِ وصلاتِهِ ومكانته من السلطان،
فلقي العددَ الكبير من العلماء والمحدّثين والرواة، ووقف على الجملة الطيبة
من الدواوين، واتصل اتصالاً مباشرأ بكثير من شعراء العصر وأدبائه،
فشافههم، وسمع منهم، وكتبوا له، واستكتبهم، ودارت بينه وبينهم رسائلُ
وقصائدُ، وظفر بالمجموعات الشعربة التي أعدّها معاصروه والسابقون
عليه، وتوفر له من ذلك كله ما ساعده على أن يذكر "الشعراء الذين كانوا بعد
المئة الخامسة إلى سنة 572 هـ" (1).
وليست قيمةُ (الخريدة) في هذه الفترة الفسيحة من الزمان فحسب وإنّما
قيمتُها كذلك في هذه الرقعة الفسيحة من المكان، فهي لا تقتصر على قطر
من أقطار الإسلام بعينه، ولا على شعراء دولةٍ من الدول بذاتها، وإنّما
تجمعُ شعراء العالم الإسلامي كله: شعراء العراق، والعجم، والشام،
والجزيرة، ومصر، والمغرب.
(1)
هذا ما ذكره ابن خلكان في ترجمة العماد، على أنّه توجد بعضُ الثرجمات
القليلة لمن عاشوا في غير هذه الفترة.
107

الصفحة 107