كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

قدرها إلا الباحثون المتتبعون، ولا يعرِفُ عناءَ وَضْعِها علئ الوجه اكمل إِلاَّ
من اضطلع بمثل هذا الأمر، وكابدَ مشقاته، وفهارسُ هذا الجزء متقنة
وافية، تدلُّ علئ الدّقةِ والدأبِ والتبصر".
واما منهجُ استاذنا في تحقيقه فكان:
1 - اعتمد النسخة الباريسيةَ أصلاً، واغلبُ ما اتّجه إليه إثباتُه في المتن
ما رجّحه من النصِّ، ثم ذكر في الحاشيةِ الرواية المرجوحة عنده.
2 - استعان بمصادر ومراجع عندما وجد انَّ الأصول التي بين يديه
لا تسعفه وحدها، فرجع إلى (ديوان الغزي)، و (ديوان اسامة بن منقذ)،
و (تاريخ دمشق) لابن عساكر، و (سير أعلام النبلاء)، و (تاريخ الإسلام)
للذهبي، و (وفيات الأعيان) لابن خلكان، و (الروضتين في أخبار الدولتين)
لابي شامة المقدسي وغيرها.
3 - وعن إيضاح النصّ والتمهيد له فقد حرص أن يترجِمَ للأعلام التي يمزُ
عليها، وأن يربط بين هذه التراجم وبين الموضوع، وأن يذكر بعض
الروايات التي عثر عليها في مناسبة القصيدة.
4 - كان للعماد طريقة خاصة ومذهبٌ معيّنٌ في الاختيارات الشعرية،
فكان الأستاذُ يشير إلى الأبيات التي أهملها العماد، كما يشيرُ إلى الخلاف في
الترتيب بقصد الإيضاح.
5 - ممّا عُرف عن أستاذنا تواضُعه، وحسنُ خلقه، وهذا ما نجده فى
مؤلفاته وتحقيقاته، ومن هذا التواضع قوله في مقدّمته لتحقيق هذا الجزء:
"ولستُ ازعمُ أنّي فعلتُ كلَّ ما يُستطاع، أو كلَّ ما استطبعُ فعله. . . فالذين
يعانون هذا العملَ وبتمرّسون به، والذين يقدّرونه ويحسنون تقديره، يدركون
أنَّ الأُولى لا يَقْدر آن يقولها أحد مدى الحياة، وأنْ لا سبيل إليها، لأنَّ
ما يغمض عليك اليوم يتّضح لك غداً، وما بستغلِقُ في ساعةٍ من ساعاتِ الليل
ينفتحُ في ساعةٍ من ساعاتِ النهارِ، وما لا تسعِفُك به مناسبةٌ تسعِفُكَ به مناسبة
أخرى، وما لا تراه في هذا الكتاب، أو تراه على وجهٍ، قد تراه في كتابٍ
110

الصفحة 110