كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

الجزء الثاني، ويضمُّ هذا الجزء من قسم شعراء الشام ترجماتٍ ومختارات
لطائفةٍ من شعراء اليمن وتِهامة والحجاز، اختار لهم بعضَ هذا الشعر،
وروى طرفاً من أخبارهم.
وحين أخذَ العمادُ يقيم كتابه هذا، ويجمع مختاراته، كان في ذهنه ا ن
يكسِّرَ الكتابَ علئ هذه الأقسام الأربعة الكبرى: قسم العراق، وقسم العجم
وفارس وخراسان، وقسم الشام، وقسم مصر وصقلية والمغرب وبلاد الأندلس.
ولا يبدو للباحث أنّ وراء هذا التقسيم هدفٌ واضج، هل كان القصد
جانبَ الحياة السياسية، أو الإنتاج الشعري، او الخطوط الجغرافية الكبرى
التي تَقسم العالم الإسلامي إلى جناحيه العريضين: المشرق مما يلي العراق،
والمغرب مما يلي مصر، ثم تتوقف عند قلب هذا العالم الجزيرة العربية
ومصر والشام والعراق؟!.
بعضُ هذه الجوانب كان موطن تنبّه العماد وتعليله، وقد لجأ إلى مثل هذا
التعليل حين بدأ هذا الجزء بذكر محاسن فضلاء الحجاز واليمن فقال: " وقد
ألحقتُ بالقسم الثاك - يريد قسم الشام - شعراء الحجاز وتهامة واليمن،
ورأيتُ تأخير هذا الإقليم - يريد الحجاز - الذي هو أَوْلى بالتقديم، صيانة
لمنزل الوحي، ومهبط الذكر القديم، عن كلام البشر النظيم، فتيمَّنتُ في
خاتمة القسم الثالث باليمن، ونظمتُها في سلكه، فمُلكها الان لمالك الشام
وتوءم ملكه، فإنّها معدودةٌ من مملكة بني أيوب الذين عصموها من النوائب
العُصل النيوب، وملؤوها بالمفاخر، وفرَّغوا عِيابها من العيوب، لقد
تملأت اليمن يُمناً، وعادت عَدَنُها عَدْناً، وطلع بها شمسُ الدولة شمساً،
أبدى نور نَجْدها وغَوْرها، وجَلا بسنا إحسانه وعدله دَيْجورَ جوْرِها، فآثرتُ
إيرادها بين الشام ومصر واسطةً لعقدهما، ورابطةً لعَقدهما".
ووجد استاذُنا - رحمه اللّه - أنَّ قيمة هذا الجزء تتمئّل في ثلاثة أنواع من
القِيَم: القيمة الأدبية، والقيمة التاريخية، القيمة الذاتية في الدلالة على عمل
العماد في التأليف، وأسلوبه في الاختيار والجمع، ثم خلص إِلى أنّ هذه
114

الصفحة 114