كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

القيم الثلاث لا تتبدى في هذا الجزء وحسب، ولكنّها تتبدى كذلك في كل
أقسام الخريدة.
أما القيمة الأدبية: ففي الخريدةِ شعراءُ مختلفون، فيهم المجوّد،
وفيهم المقصّر، منهم المشهور، ومنهم المغمور، وِإنَّ القارئ ليمزُ
بصفحات ومختارإت فيتمنى لو أنَّ العماد تجاوزها، ويتوقَّفُ عند صفحات
ومختاراتٍ فيشكرُ للعماد صنيعه. . وفيما بين دفتي هذا الكتاب يظفر القلب
بشعراء وكتّاب كعُمارة والعيدي وابن القم وإبن ظفر الصقلي، ويطفو على
ساحة الرؤية القريبة الدانية أسماء شعرإء ليس لهم إلى القلب سبيلٌ.
فإذا جاوزنا جانبَ الإجادة والإبداع في المختارات الشعرية، كان للكتاب
قيمته الأدبية من نحوٍ آخر، ذلك أنَّ العمادَ استطاعَ أن يقدّم لدإرسي أدب
القرن الهجري السادس ثروةً كُبرى من تراجم شعراء، ومن شعرهم الذي
لا نجده في غير الخريدة.
القيمة التاريخية: الخريدة ليست مجموعة شعريةً فحسب، ولكنّها
مرجع أساسي من مراجع رجال هذ! العصر، لأنّها تنطوي على تعريفٍ بناس
لا نعرفهم إِلا من خلالها، ويؤكّد أستاذُنا ذلك فيقول:
"إنّ الخريدةَ وفي هذا الجزء خاصةً كذلك وفوق ذلك كتابُ تأريخ،
وكشفٌ تاريخي رائع للمنطقتين الكبيرتين من مناطق الجزيرة العربية: الحجاز
واليمن ". ويقول توضيحاً لذلك:
"وشدّ مايروعُ القارى في هذا الجزء مايتكشّف له من أمر اليمن
بخاصةٍ. . . شدّ ما يروعه أن يلمحَ على يُسْر او عسْر، من وراء ضبابٍ صفيقٍ
أو من وراء سحاب رقيقٍ، كُلَّ معالم البيئة اليمنية، أن يراها هذه الرؤية
الشعرية الخاصة، أن يجد نكهة اليمن في اعتدادِها وعتادِها، في ماَثرها
ومفاخرها، في حصونها وقصورها، أن يتذوّق طعمَها في خلافاتها
وخصوماتها. . . أن تتكشَّف له بيئتُها المادية بجبالها ومعاقلها، بشجرها
وحجرها، بمساجدها وحصونها، وأن ثتكشَّفَ له بيئتُها المعثوية: بفوقها
ومذاهبها، بِشِيَعِها واحزابها، بأُسرِها الحاكمة، وأسرِها المتطلعة إلى
115

الصفحة 115