كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

ويتضمن بداية قسم شعراء الشام شعراء دمشق والشعراء الأمراء من بني أيوب
من (الخريدة). وعن هذا الجزء يحدّثنا أستاذُنا - رحمه اللّه - عن مدى سرور 5
لهذ 5 الفرصة النادرة في العثور على قسمٍ من خريدة الشام ما عرفه من قبلُ في
كلِّ النسخ التي تجمّعتْ لديه، وهو قدرٌ جيّد من القسم الشامي من مقدمته.
ولم يدُرْ له بخلدٍ، ولا كان منه على بالٍ انَّ سفره إلى المغرب وإقامته
فيها في العامين الدراسيين من عام (964 ام) إلى عام (966 ام) في كلية
الاداب من جامعة محمد الخامس سيجلو له طرفاً مجهولاً من خريدة الشام.
ولكنّها المفاجأةُ - وليست غريبةً مع الذين يعيشون مع المخطوطاتِ العربية-
لأنّ هذه المخطوطات مبعثرة بعثرةَ الحياة العربية، مشتتة تشتتها. وكم كانت
فرحتُه كبيرةً عندما اكتشف هذا الجزء ويحدّثنا - رحمه اللّه - عن ذلك بأدبه
وأسلوبه المعروفين فيقول:
"وذاتَ يوم كنتُ أهبطُ "فاس" من ضاحيتِها الجديدة التي تقعُ على منسبط
من الأرضِ إلى فاس المدينة الأمّ، التي تتشابك طرقُها، وتنحدِرُ من هذه
الوجهة أو تلك حتى تتلاقى في سُرّةِ المدينة، في القرويين، وكان في نيمي أ ن
أزورَ المسجد الجامع أصلّي فيه، ثم أزورَ المكتبة أقضي فيها سحابةَ اليوم.
وتنقّلتْ بي خطاي حتى انتهيتُ إلى المكتبة، وفي المكتبة كنتُ أجلسُ إلَى
عالمِ مكتبة القرويين وشيخها وقيِّمها الأستاذ العابد الفاسي، وكان يتحدَّثُ
إليَّ في ودٍّ عن بعض ما في المكتبة من نفائس وكنوز، وكنتُ أحمِلُ من دمشق
رقماً لنسخة مخطوطة من الخريدة، وهو رقمٌ كان عرفه زميلي الأستاذ سعيد
الأفغاني إذ كان في زيارؤ قصيرة للمغرب من قبلُ في آعوام سابقات. . . ولكن
شد ما فوجئت حين وقعتُ على مجلّدات مختلفاتٍ من الخريدة، بعضُها من
قسم المغرب (مصر والمغرب وصقلية) وبعضُها من قسم الشام، وبعضُها من
قسم العجم الذي كنتُ الملم نسخَه من هنا وهناك.
ولم تكن هذه وحدَها المفاجأة الغنثة المذهلة التي أمدتني بمتعة لا حدّ
لها، وتركتني كما لو كان لي جناحان خفيان أطيرُ بهما منتشياً، وأحلِّق في
آفاق ما قدَّرت أن يتاح لي أنْ أحلِّق بها، وإنّما كانت المفاجاةُ الغنية المذهلة
118

الصفحة 118