كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

التي أطلقتني وقئدتني، ارتفعت بي وصدمتني أنني وجدتني أمام مقدّمةٍ لقسم
شعراء الشام، الذي كنتُ أحسبني قد أنجزتُ نشره، تتضمن شعراء دمشق،
وفيهم شعراء بني أيوب، وهي مقدِّمةٌ ليست في أيةٍ من النسغ التي كنتُ
اعتمدتُ عليها".
ثم يحدّثنا عن عمله في! ذا الجزء فيقول:
"وطال تردادي خلال عام دراسي كامل على مكتبة القرويين، تلفني أصواتُ
مطارق سوق النحاسين حتى لآلفها، وأحسُّ بالضحة إن سكت واحد منها.
وقد كانت النسخةُ التي أعمل عليها نسخةً سقيمةً، لم ينفع فيها أني أَلِفْتُ
الخط المغربي، ولم ينفع فيها كذلك أن أكونَ إلى جانب الأستاذ الفاسي
أطلبُ عونه على ما استبهم عليَّ، وأشاركه استفتاح ما استغلق من حرفب آ و
كلمة أو بيت، لم ينفع فيها أني صبرت وصابرت، وأني أفرِدتُ لها الجهد،
ونذرت لها الوقت، وأنى قَصَرْتُ عليها كل ما أملك من ذيْن (1)، ذلك انَّ
النسخة كانت شراكةً بين الأرضة والتلف. . . ومع ذلك كان لابدَ من العمل
عليها، وآنفقتُ في هذا النحو ما يقربُ أن يكونَ عاماً كاملاً".
ثم يحدثنا الدكتور - رحمه اللّه - في مقدمته الممتعة النافعة هذه عن مفاجأة
أخرى فيقول:
"أليستْ هي المقادير التي تُعدُّ لنا كلَّ شيءً، ونحسبُ أننا نحنُ الذين
نفعلُ كلَّ شيءً.
لقد كانت كلمةٌ طيبة من الأستاذ العالم الجليل عبد السلام بن سودة بمثابة
الشرارر المضيئةِ سمعتُها منه في الرباط في المكتبة، وسمعته فيها يقول لي:
هل رآيت تقي الدين العلوي مدرّس التاريخ في كلية القرويين؟ وهل رآيتَ
عنده جزءاً من الخريدة؟. .
وحين كنتُ أمرُّ ب "الدوح" كان بيتُ الأستاذ التقي العلوي على يميني
(1) ذين: غنًى او قدرة:
119

الصفحة 119