كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

جانبه خالَه الشيخ محمود الذي أخذَ بيده نحو آفاق العلم الرحيبة، إضافةَ إِلى
انّه كان له أمثولة تحتذى وأسوة حسنة.
لم يكن خالُه عالمأ عاديأ، ولم يكن كذلك مربياً تقليديّا، وإنّما عرفته
دمشق رجلاً متفتحأ، متحليأ بنظرة تجديدية للعلم ولطرق تلقّي العلم،
كان يجتمع بالعلماء الاخلّة، ويرتادُ مجالسهم، ويشارِكهم اجتماعاتهم،
ويعوّلون على رأيه في مهمات قضايا الأمة ومختلف الشؤون التي تلمّ بهم.
وكان للشيخ مدرسةٌ تسمّى (مدرسة التهذيب الإسلامي) (1) حين لم يكن
في دمشق من المدارس إلا القليل، وحين لم تكن المدارس لتدُرُّ على
اصحابها من المال إلا القليل. لكن الشيخ أدرك أهمية العلم والتربية، وعمل
على إرشاد الأجيال إلى طريق الأخذ بالعلوم، ومن هنا وجد أن الأحرى به
أن يرشدَ أهله ومن كانوا منه (وابن أخت القوم منهم).
ولمّا أجال أستاذُنا عيني طفولته في جوانب الدنيا، يتعرّف ما حوله،
ويتلمس بيديه البضتين الأشياء التي يقدِرُ أن يمسكها، راى الكتب والمجلات
العلمية في بيت خاله، وتلمّسها، وألفاها كثيرةً، تملأ الجدران، وتتوضّع
على الطاولات. . فداخل قلبَه محبتها واحترامها، لأنّه شاهد مَنْ حوله
يحترمونها، ويجلّونها ويتشوّقون إليها، وهي قادمة من كل قطر، وتحوي
كل علم وفن.
ومن أجل أن تتفتج معارفه، كلَّفه خاله الشيخ محمود صُنع فهارس
تفصيلية للمجلات والجرائد التي تصلُ مكتبة الاشرة، الأمرُ الذي لم يكن
معهوداً عند اهل العلم الاخرين في الشام.
وأدرك شكري أوائل الصبا، وانخرطَ في سلك الدراسة والتلقي، فما
عَسُرَ عليه أن يبحثَ عن أستاذٍ، ولا صَعبَ على أهله أن يرشدوه إلى مدرّس؟
(1)
مدرسة ابتدائية خاصة، كانت في بيت الثيخ قطنا في حي المسكية لصيق
الجامع الأموي من ناحية الغرب.
13

الصفحة 13