كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

المعنيين بالتاريخ لها، ولا من الناظرين في أدبها: مثل الذي لقيت عصورٌ
قبلها، كالعصر الإسلامي، والعصر العباسى، أو عصورٌ بعدها كالعصر
الحديث، وانصرف عنها الباحثون وكالهم كما قيل: "مروا بالديار ولم
يعوجوا" فظلت مجهولة، لم يعرفِ الناسُ عنها إلا اقل الذي يجب أ ن
يعرفوا.
ولكي نتعرّفَ إلى حقيقة الأمر يحسُنُ بنا أن نذكر المدى الفسيح الذي
تحتله هذه العصور، عصور ما بين سقوط بغداد وبَدْء النهضة.
ومهما يكن من آمرِ سماتِ الانحطاط لهذه العصور، فإنَّ ذلك لا يمكن أ ن
ينهضَ حجةً على هذا الاتجاه الذي اتجه إليه الدارسون، حين جعلوا من هذه
القرون الكثيرة المتطاولة عصرأ أدبيّاً واحداً، ولكننا يجب أن ندركَ أنَّ هذه
الفترة كانت فترةً تأصّلت فيها الثقافة الإسلامية، وكان للشعر والنثر تقاليد
تتبع، وأمثلة تحتذى، ومؤلفون يكتبون ويجمعون، إنَّ هذه العصور لم تكن
جفافاً مطلقاً، ولا انحطاطأ عامّاً. . علماً بأنه لم تصدر حتّى اليوم دراسةٌ
واحد؟ لها بعض صفات البحث العلمي وشرائطه.
وآما عن الحيِّز المكاني الذي تشغله هذه العصور، فهو من أقصى الشمال
الذي امتدَّ إليه العرب في الأندلس إلى أقصى الشرق في آعماق آسية.
ومن الذي يستطيع من دارسي الأدب أن يتمثّل فترةً لها كل هذا الامتداد في
الزمان، ولها كل هذا الامتداد في المكان، ثم يتقئلُ في يُسْرٍ ما يفعله دارسو
الأدب العربي حين ينظرون إلى كلِّ هذه الأرض في كلِّ هذه العصور نظرةً
واحدة؟!.
ويبدو أنّ شيئاً من رهبة البحث العلمي قد أدركت الباحثين، فجاؤوا بعدُ
يقسّمون هذه العصور إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى: العصر المغولي، ويذهب بعضهم إلى تسمية هذه الفترة
بالدور المملوكي، وتمتدُّ هذه المرحلة بين سقوط بغداد سنة (656 هـ) حتى
دخول العثمانيين القاهرة سنة (923 هـ).
142

الصفحة 142