كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

واستطراداً، وتراجمَ، وحوادثَ، وأخباراً. . والحق أنّ الثقافة العربية
عَرَفت من قبلُ هذا الجمع بمعناه العام، وهو الأخذ من كلِّ علبم بطرف ".
وذكر أستاذنا "أنَّ العامل الأساسي الذي ساق التأليفَ هذا المساق هو
تكدُّس التراث الأدبي طبقة بعد طبقةٍ، وجيلاً بعد جيلٍ، واتسعت ذاكر؟
الجماعةِ العربيةِ الشعرية، فلمّا جاء شاعِرُ عصر الانحطاط، وجد بين يديه
هذه الإضافات السخية الخصبة، وهذه الثروة الثرية، ولكنّه أدركه بعضُ
القصور في الطبع، وبعضُ الجفاف في القريحة، وبعضُ الأذى في ظروف
العيس، وكثير من التقهقر الذي ل! الحياة في كثيرٍ من جوانبها، فاستلب
منها الرونق والثداوة، وابقى على النبتة جافة حينأ، وهشيماً حيناً. . ومثل
الذي كان في الشعر كان في النثر كذلك.
والذي يبدو بوضوح انَّ التراث الأدبي لم يقدَّرْ له أن يزكو، وإذا كان أديبُ
عصرِ الانحطاطِ لم يستطعْ ان يحقِّقَ شيئاً ذا بالٍ في الاتجاه الرآسي في إنشاء
الشعر والنثر، فقد استطاع هذا التراثُ الثقافيُّ المتكدِّسُ نفسُه أن يحقق أشياء
في الاتجاه الافقي، فإذا هو يحاولُ في كلِّ نطاق الحياة الأدبية في الشعر والنثر
آن يتحدّث عن كل شيء.
وتبدو لنا ظاهرة هامة في هذا اللون من التراث الأدبي، اللون الذي يقوم
على الجمع بين الأشياء، ومحاولة التأليف بينها على تباعدها، وهي ظاهر
واضحةٌ في هذه الفترة، لانها أثز من آثار هذا الغنى الثقافي ".
ويختم أستاذنا بحثه بقوله:
"من هذا كله يستديرُ بنا البحثُ مرة أخرى إلى بدايته التي انطلق منها ليؤكدَ
هذه الحقيقة الأساسية، التي ننتهي إليها، وهي أنَّ سبباً قويّاً من أسباب
القصور الذي نلمحه في عنايتنا باَثار عصور الانحطاط نشراً وتحقيقاً ودراسةً
يعود إلى هذه الآثار ليست وحيدةَ الموضوع، هي حين تكون في التاريخ
ليست التاريخ وحده، وحين تكون في صناعة الإنشاء ليست في الإنشاء
144

الصفحة 144