كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

المزدوجة، وأن يكونَ نتاجهم هذا الدينارَ المجلوَّ المصقولَ الواضح، كتبوا
على إحدى صفحتيه شعرهم، وكتبوا على صفحته الأخرى نثرَهم.
لا ازال اذكرُ ما كان من صلتي باَثار الزركلي منذ الحداثة. . كنتُ احسُّ
فيه هذا الشعرَ الدافى اللاهثَ، وكنتُ أقرأُ وأكرِّرُ القراءة:
عصفور؟ النيربينِ غَنّي وارْوِي حديثَ الأنين عَنِّي
أنا المُعَنّى وما المُعَثى غير حنينٍ اذابَ مَنِّي
شغافَ قَلْبِي وَحُسْنَ ظَنِّي ".
ومن المختارات التي استشهد بها أستاذنا الأبيات التالية من القصيدة التي
صدّر بها ديوانه:
يَجْنِي وآَشْكُرُ في الهَوَى يَدَهُ وَطَن شقِيْتُ به لأُسْعِدَهُ
آلَيْتُ لا بَالَيْتُ بي أَلماً وَبهِ دَئم حتّى اضَفدَه
يَوْمي له، وَغَديْ لَهُ هبة وعًسَايَ أَحْمَدُ في غَدِي غَدَهُ
كَمْ لَيْلَةٍ سامَرْتُ أنجُمَها مُتَرَقِّباً في الشَّرْقِ فَرْقَدَهُ
أَرْعَى كَوَاكِبَها وَأَرْصُدُهُ مُتَحَجِّباً عَمَّنْ تَرَصَّدَهُ
وَيْحَ السِّيَايسَةِ فِي تَقَفُبِها يَسْلُوْ الحَلِيْمُ تَجَلُّدَهُ
ويقول أستاذنا عن رائعة ميسلون " العذراء" التي أولها:
الله للحدثانِ كيفَ تكيدُ بَرَدَى يفيضُ وقاسيون يَمِيْدَ
"كانتِ القصيد؟ التي تمتدُّ علئ طولِ حياتنا. . في المدرسةِ والنادي
والبيتِ. . . ".
ثم يتحدّث عن نثر الزركلي في كتابيه: "ما رأيتُ وما سمعتُ" و"عامانِ
في عمّان " وانّهما الخلفيةُ الفكريةُ والتجربةُ الواقعيةُ مشوبين بكثيرٍ من الشِّعْرِ.
" لقد جاوزَ الزركليئُ في إنتاجه فهمَ النثر، هذا الفهمَ الضئقَ الذي آلفناهُ،
والذي تعوّدنا أن نعددَ منه في الماضي: الرسالةَ، والخُطبةَ، والمقالةَ،
والمقامةَ، ثم تعوّدنا بعد آن نضمَّ إليه الفنون المستحدثة التي نشأت علئ
148

الصفحة 148