كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

بدأ شكري فيصل حياتَه الدراسيَّة في مدرسة " أنموذج البحصة " الابتدائية
الرسمية، حتى إذا حصلَ على شهادتها عام (931 ام) انتقل إلى المكتب
الإعدادي السلطاني (مكتب عنبر) المدرسة الثانوية الوحيدة في دمشق،
وكانت آنذاك صرحَ الثقافة والوعي الوطني فيها. وكان في المكتب صفوةُ
أهلِ العلم والفضلِ والأدب والوطنيةِ، تتلمذ أستاذُنا على ايديهم، فأخذَ
العربية في السنتين الأوليينَ عن الأستاذين (زين العابدين التونسي)، و (أبي
الخير القواس)، وفي السنوات التالية عن الأستاذين (محمد البزم)
و (محمد سليم الجندي)، كما أخذ عن الأستاذ اللغوي الأديب (عبد القادر
المبارك).
وكان في السنوات التي قضاها في (مكتب عنبر) من المجلّين في
الدراسة، تبدو عليه علائمُ النبوغ التي تلفتُ أنظارَ أساتذته وزملائه إليه،
فقدَّره الأوّلون، والتفَّ حولَه الاخرون، ينشدون سماع اَرائه وتحليلاته،
ويطلبون احياناً مساعدته في تحبير ما يريدون تدوينه.
وكان يتابعُ فوقَ ذلك حلقاتِ العلم الخاصّة، فلا يتركُ ساعة فراغٍ إلا
ويقضيها في اغتنامِ فائدةٍ علميةٍ، أو مصاحبةِ كتاب مفيدٍ.
لقد كانت هذه السنوات المذكورة شديدةَ الوطأةِ على سورية؟
فالاضطراباتُ خطيرةٌ، والحالةُ الاقتصادية متردّيةٌ، فكان عليه أن يعملَ
عملاً يخففُ عنه عبءَ حاجاته؟ فوجدَ في مهنة الوِرَاقة خيرَ وسيلةٍ لهذه
الغاية، وعن طريقها التقى بالعلماء، واقتبسَ منهم وأفاد، مع ما حصّله من
وَفْرٍ مادي، ولو أنّه وَفْرٌ قليل.
وتابع أستاذنا دراسته الثانوية، فحصل على شهادتها بقسميها العلمي عام
(936 ام)، والفلسفي عام (938 ام). ثم التحق بكلية الاداب بجامعة فؤاد
الأول (جامعة القاهرة اليوم) منذ العام الدراسي (1938 - 939 ام)، وبقي
فيها حتى سنة (942 ام) فحصل على إجازة الاَداب بدرجة الامتياز، وكان
الأول بين خريجي تلك السنة.
15

الصفحة 15