كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

في بداية الدراسة ألقى أستاذنا عدداً من الأسئلة عن الأسباب التي دعت
الشاعر جبري إلى تسمية ديوانه (نوح العندليب)، ويبدأ هذه الأسئلة: هل
تكون هذه التسمية مفتاحَ التعرُّفِ إلى شخصيته وشعره؟ وينتهي إلى أنَّ نغمة
يائسةًاو يغطيها اليأسُ تظلُّ تصاحِبُ قارئ الديوان وهو يتنقّلُ من قصيد؟ إلى
قصيدةٍ، ومن موضوع إِلى موضوعٍ، وأنَّ لحناً شجيّاً يظلُّ يراوِدُ السمعَ بين
الصفحة والصفحة، فهل كان الحزن هو قرين الشاعر الذي لازمه؟.
ثم يقول: "وفي تقديري انَّ عاملاً ما في بداية الأمر دفع بشفيق جبري في
مطلع شبابه إلى شيءً من العُزلةِ، وأنَّ هذه العزلة حملت إليه شيئاً من الكآبة،
وفرضت عليه انواعاً من التأمل! ولكنّ هذه العزلة لم تكن عزلةًاجتماعية
فحسب، وإنّما كانت فوق ذلك عزلةً ثقافيةً فكرية فنيةً. . . هذه العزلةُ رافقها
عامل آخر ساعد على اشاعةِ الكابةِ في روج الثاعر، كان عاملاً خارجيّاً عربيّاً
بسبب تأثير النزعة الرومانتيكية التي امتلكت مجموعةَ الشعراءِ الرومانتيكيين
في اواخر العشرينيات، وفي الثلاثينيات خاصة. . إِلآَ أنّ جبري لم يكن هذا
الرومانتيكي الحالم، كان فيه شي 4 من الرومانتيكية، ولكنْ كان فيه من النظر
العقلي، وتمجيد العقل، وإيثارِ الفكر، ومعالجةِ الواقع، واصطناع
الحكمة، بقدر ما فيه من شرود الرومانتيكية أو غلبتها، كان الإنسان العربي
الذي صنعته الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية إنسانأ متكاملأ، إنّه مثلأ
دعا إلى الوحدة بعقله وبقلبه، ودلّل كذلك وأرشد:
إنّما العُرْبُ وَحْدَة والتفاف ... كلُّ غصنٍ يلفُّ في الرَّوْضِ غُصْنا
أما عن شاعريةِ جبري وتجديدِه فنجد ذلك في حديثه عن ذاته بذاته في
كتابه " أنا والشعر" وتحدّث أيضاً عن تجاربه النثرية في كتابه إلاَخر "أنا والنثر"
ويبدي الدكتور شكري إعجابَه بهذين الكتابين، وتقديره لهما، فهما سيرة
ذاتية من نوع خاص تفرَّد به جبري.
وعن المرإحل في شعر جبري يحدّثنا أستاذنا عن ثلاث مراحل:
157

الصفحة 157