كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

أولاً- مرحلة البواكير: الاحتذاء والمعارضة التقليدية، فكان جبري
ينظرُ إلى قصائد بعض معاصريه نظرَ التقدير، فبدأ شعرَه معارضاً.
ثانياً - مرحلة التجارب: التخلي عن المعارضة التقليدية، والاتجا 5 نحو
نوعٍ جديد من المعارضة، وهو ضرل! من الاستيحاء، عمدَ إلييما جبري،
وخاصّةً حين تحدّث عن المتنبي وعن شوفي وحافط في قصائده، فهو في
هذا الشكل الجديد، لا يستحذي قصيدة معينة روحها وموسيقاها
وموضوعها، ولكنّه يستوحي آراء شوفي أو المتنبي أو المعري ومواقفهم.
ثالثاً-مرحلة النضج: نحو بناء جديد للقصيدة عند جبري. . وحدة
القصيدة، ويتمثّل ذلك في إحكام الصلة بين القصيدة (وخاصة المرثية) وبين
المرثي.
مفهوم وحدة القصيدة عند جبري: إنّ تعليقاته على قصيدته في
مهرجان المتنبي، وقصيدته الاخرى في مهرجان المعري، ثم قصيدته في
مهرجان شوقي، ثم قصيدته عن الرسول الأعظم ع! ي! بعنوان: "صيحة
النبي ". . تعليقاته على هذه القصائد حافلة بملاحطاته التي تفيدنا فائدةً كبيرةً
في دراسة بناء القصيدة عند جبري، فهو في هذه القصائد والقصائد الاخرى
شديدُ العناية بإبرازِ وحدة القصيدةِ، وتناسقِ ما بين أجزائها.
وعن التجديد في شعر جبري يقول أستاذنا: "إنّه كان حريصاً على أ ن
يستجيب شعرُهُ لنزعاتِ التجديد، ولعلَّ معرفته باللغة الفرنسية، واتصاله
بالثقافة الفرنسية وقراءاته في الشعر الفرنسي، كان جديرأ أن يقوده إلى نوع
من التجديد، يخرجه بالقصيدة عن إطارِها التقليدي المعروف، ولكنّ
الأجواء المحافظة من حوله لا تساعِدُ على تفتّح هذه الرغبات وإروائها.
وظواهِرُ هذا الصراع تمثّلت في محاولته ترجمة إحدى قصائد هوغو.
والصراع الذي عاناه جبري تناول أولأ الموضوعَ والأفكارَ فيه، ثم
الصياغة، ولكنّه لم يستلهم الجديدَ فقط، وإنّما استلهم القديمَ آو استعاره،
فاستقام له عمله على أساس من المزاوجةِ بين الاستلهام والاستعارة.
158

الصفحة 158