كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

وبعد مجيئه إلى (القاهرة) ودخوله كلية الاَداب، التي كانت تضمُّ الرعيلَ
الأول من العلماء الأعلام: طه حسين، أحمد امين، عبد الحميد العبادي،
امين الخولي. . لم يكن أمام هذا الجيل من ابناء الوطن العربي الذي أخذَ
يتطلّع إلئ القاهرة إلا كلية الاَداب، وكان افرادُ هذا الجيل موزّعي الهوى بين
أساتذتهم، كانوا إذا التقوا تحدّث كلٌّ منهم عن استاذٍ يؤثره.
أمّا عن طه حسين فيقول فيه الدكتور شكري:
"ولكننا كنا نلتقي جميعاً هذا اللقاء العفوي في ظلال هذه الشخصية
المحببة. . . ذلك انَّ شخصية طه حسين كانت تمثّلُ في عقولنا وقلوبنا هذا
الحضور الدائم الذي لا يغيب. . خلال أربع سنوات تخللتها الحرب العالمية
الثانية كان الأستاذُ العميدُ محوراً من محاور وجودنا الدراسي، وتكوننا
العلمي، وما أذكر آننا أغفلنا ساعةً من ساعاته آريد آن آقول ما تاخرنا عن
ساعة من ساعاته ".
ثم يتحدّث الدكتور عن متابعته لمحاضراته العامة، ومناقشاته لرسائل
الدراسات العليا. . ثم ينتهي إلى اتجاهات طه حسين فيقول:
"وبعدُ فأيّاً كان الرأيُ في بعض اتجاهات الأستاذ العميد، فإنّ هذه
الاتجاهات رهينةٌ بفتبرات من العمر، أو ظرف من الظروف، وفي تقديري إنّهما
ثغرتان: الثغرة التي خففها حين كان تحدث عن الشعر الجاهلي، والأخرى
التي خففها حين كان يخطط لمستقبل الثقافة في مصر، ولعلَّ الثغرة الثالثة
كانت في هذه المخاوف التي أثارتها نشاة مؤسسة الكاتب المصري (1). . غير
انّ ذلك في تقديري كان مرهوناً بزمن، وكان ما بعده نسخاً له، أو رجوعاً
عنه، لم يكن رجوعَ إقرارٍ، ولكنّه كان إقلاعاً عن الاستمرارِ، ومضياً في
الطريق الاَخر المعاكس ".
***
__________
(1) هي مجلة غير بريئة في مصر اسموها (الكاتب المصري)، وقد تولى الدكتور
طه حسين رئاسة تحريرها (ن).
160

الصفحة 160