كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

فقد قزَبته روحه المجمعية والخلفية المتأصلة في مواهبه وضمائله من اعضاء
المجمع الذين قدّروا علمه، فرشحوه لعضوية مجمعهم، وتقبلوا بالرضا
تعيينه، ورحّبوا بانضمامه إليهم زميلاً عاملاً ومجذأ، ولابد أن تكونَ
روحُ الرئيس الراحل (خليل مردم) مرتاحةً لهذا الانتقاء، وراضيةً عن هذا
اللقاء".
ثم القى الدكتوٍ ر شكري فيصل خطابه المجمعي بأسلوبه الأدي الذي تمئزَ
به، ْ سلاسة ورقة ووضوحاً ولطفاً ووفاءً، فتحدث عن صلته بالمجمع،
وعن سلفه الأستاذ خليل مردم فقال:
"منذ نحوٍ من ثماني عشرة سنة حين قادتني خطايَ في كثيرٍ من الحياء
والتهيُّبِ إلى هذه المنصّة أواجِهُ جمهوراً من الناس في واحدةٍ من المحاضرات
التي كان يدعو إليها مجمعكم الموقر - لم يكن في الذي أطمحُ اليه او أفكْر
فيه أن تلتقي ايديكم الخيرة السمحة، في ثقةٍ وطمانينةٍ علئ أن تأخذ بيدي
إلى هذه المنصّةِ ذاتها، لا لأحاضر، وإئما لأشكر لكم - بالدمعةِ المترقرلْهْ
لا تستهلّ، واللسان الحييئ لا يُبين - أئكم فكرتم بي حبن فكرتم في أقدس
المهمات التي تضطلعون بها، مهمة الحفاظ على اللغة، وانكم أشركتموني
في آكرم جهادٍ، هو الجهاد في سبيل العربيةِ، وأنّكم أحللتموني منكم هذا
المحلَ الَكريم الذي أقصر عنه، ولكني آمل آن أكون كفاء له.
فلتُ: إن أمسية السابع من نيسان من عام اربعة واربعين وت! سعمئة وألف لم
تكن آؤل صلتي بالمجمع. . واسمحوا لي كذلك أنْ أقولَ: إن الحديثَ الطيًب
الذي سمعته في أعقاب المحاضرة من الرئيس الراحل خليل مردم بك لم يكن
اؤل حديث، فقد لقيتُه قبل ذلك بأعوام، لقيتُه في طائفة من الكتب
والدراسات التي كان يُصدِرها عن بعض أعلًام الشعر والنثر. . لم يكن ذلك
اول عهدي بالمجمع. . . فقد كنا نراه في غدؤنا ورَواحنا، كان في نظرنا
- نحن الذين كنا نسكن الظاهرية، ونساكن آلاف الأرواح فيها، ونصغي إلى
آلاف الأصوات الغامضة التي تحتمي بها، وتتراءى لنا صور من أحلامنا
28

الصفحة 28