كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

ومستقبلنا في كلّ صفحة كتاب منها -كان المجمع (1) في نظرنا هذا الصرح
الممرّد، وكأتما صِيغْ من عالم اخر. كان يخثلُ إلينا ان حجارته غير
الحجارة، وأنّ جدرانه غيرُ الجدران، وأنّ أبوابَه غيرُ الأبواب. . كنّا نختلِس
النظرَ إلى البحرةِ التي تتوسَّ! باحته، وكأتما هي غديز، منبعُه ما وراء
الأفق، وتتراءى لنا شُجيراته، وكانما هي من شجر الجنّةِ. . . وحين كان
يقدَر لنا أن نستمعَ إلى محاضرةٍ فيه فقد كانت تلك في عُرْفِنا رحلةً من هذه
الرحلات الأسطورية المُثْقَلَةِ بالغرائِبِ والغنائم، وهل من عجبٍ؟ أليستْ
كتبُ الظاهريةِ التي كنّا ننفقُ فيها بياض النهارِ تُثقّفنا، وشيئاً من سوادِ الليل
تُمتعنا، هي من صنعِ مثل هؤلاء الكملة الفضلة الذين يدخلون إليه في ماتع
الضحى، ويخرجون وقد زال النهار؟ ".
بهذه الكلمات الهادئة المحببة ختم خطابه بقوله:
"إني لأرجو ان اكون قادراً على النهوض بهذه الأمانة، وعلى السير بها إلى
أبعد امالها، والله من وراء القصد".
لقد كان انتخاب الدكتور شكري دافعأ له إلى رفد المجمع بعطاءاته
وجهؤده في خدمة الأدب واللغة والعلم والتراث، وقد حقق إدلّهُ وعدَه، فقد
اثرى المجمعَ بكتبٍ ومقالاتٍ ومحاضرات وندوات كان لها أثرُها الواضحُ
والمتمّيزُ في تقدّم المجمع ورفعته.
وبعد انتخابه والاحتفال باستقباله عضوأ عاملاً في المجمع عُهِدَ إليه في
المشاركة في لجنتي المجلة والمطبوعات والمخطوطات والتراث، فأشرفَ
على المجلة إشرافأ كاملاً، قراءة وتدقيقأ وتقويمأ، وشاركَ في الكتابة فيها،
ودعا كبار الكتاب والعلماء إلى الكتابة فيها، وبذلك استطاعت المجلةُ أ ن
تسيرَ على النهج الذي أنشئت عليه من دقة وتميز.
(1)
يصف الدكتور شكري المبنئ القديم للمجمع وهو المدرسة العادلية قبالة
المدرسة الظاهرية قبل انتقال المجمع إلى المبنئ الجديد في حي المالكي
بدمشق (ن).
29

الصفحة 29