كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

وكان أستاذنا يهتمُّ بالمجلات المصرية وغير المصرية من أمثال (الرسالة (
للزيات و (الثقافةا لأحمد أمين، وهما من المدارس التي تأدّب بها شباب
العصر، وتخرّجوا بها، وقد حدّثني رحمه اللّه أنّه كان هو وأصدقاؤه ينتظرون
صدور "الرسالة " كلَّ أسبوعٍ بصبرٍ فارغٍ، كانت تصدرُ كلَّ يومِ ثلاثاء، فكانوا
إذا عدّوا ايام الأسبوع قالوا: السبت، الأحد، الإثنين، الرسالة،
الأربعاء. . . لشغفهم بها، وكان مَنْ لا يستطيعُ اقتناءَ عددٍ منها سارع فرجا
أصدقاءَه ممن حالفهم الحط في اقتنائها أن يعيروه إيّاه. على أنّ قليلين من
الشاميين من يهتمون بالمجلات، فهم يقتصرون على الاهتمام بالكتب،
بخلاف الشبان المصريين الذين يتابعون الصحافة كل المتابعة، وهذه خلةٌ في
مثقفي الشام إلى يوم الناس هذا، ولذا قلّ فيهم من ترقت أساليبهم إلى مثل
ما ارتقى إليه أسلوب أستاذنا.
ذلك لأنَّ مَنْ تخرّج في مثل مدرسة (الرسالة) و (الثقافة (واطّلع على تلك
الأساليب التي أشرنا إليها، ولاقت تلك الاشاليبُ تربةً صالحةً أنبتت أسلوب
الدكتور شكري وأثمرت.
وأول ما يروعك من كتابات أستاذنا تلك السلاسةُ العذبةُ التي تأخذُ
بالألبابِ، ولو كان في موضوع علميئ يركّز علئ الفكرة، أكثر مما يهتمُّ
بالإنشاء. انظر إليه يتحدّث عن (الًحمب في الشعر العرب ((1):
"وكان هناك هذا الحبُّ الاَخر الذي يستحعي ويتقنّع، ولنقل - في متابعةٍ
لتعابير ابن سلاّم - إن صاحبه كان يتعفّفُ، ولا يستبهر بالفواحش، ومثل هذا
الحبِّ هو الذي آل في التعبير الفني إلى الغزل العِفّ في الجاهلية، كالذي
نجده عند لبيدٍ وزُهيرٍ، ممّن لم نقرأ لهم فيما وصلنا من شعرهم إلا هذا الشعرَ
الذي يعبِّرُ عن المواجد النفسية موصولةً باطلال الأحبة، أو وصف ارتحالهم،
أو الحديث القصير عن بعض مظاهر الجمال عندهم، عما كان عند اولئك
الماجنين من حديثٍ عن المغامرات والأيام ".
(1) مجلة أوراق 1/ 978 أم، ص 7.
36

الصفحة 36