كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

"وبعدُ، فاحبُّ قبل كلِّ شيء أنْ أقدِّمَ إليك آخلصَ التهئمة بحجك الذي
أدَّيْتَ، جعله اللّهُ حجّأ مبرورأ، وكتبَ لك المغفرة كاملة، ما تقذَم من ذنب
وما تأخرَ، وشكر لك سعيك، وتقبّلَ منك دعاءَك، ما كان فيه لنفسِكَ، ومَا
كان منه لإخوانك، وما كان للمسلمين جميعاً، وقدّر لنا أن نلتقيَ معأ في هذا
العام في حج مشترك، فلم يعد أحبّ إلي من أن أستطيع هذه الفريضة كل
عام" (1).
ولئن كان الحجُّ يذكّر بالحشر والقيامة، فإنَّ الاَخرة والموت لهما عند
أستاذنا فلسفة خاصة، فهو يقول في ذلك (2):
"وسيظلُّ الموتُ سؤال الإنسانيه الخالد، يلوبُ على شفاهها مرّ المذاق،
ويطيف باعماقها شديدَ اللةع، وينغّص عليها ما تظنُّ أنها تصطفي من
الطيبات. . . ولكن الإسلام حين اعتقد بالحياة الآخرة، ودعا إليها، ورأى في
الحياة معبرأ، وجعل منها زاداً: أحال مرارة المذاق إلى حلاوة، ولةع السؤال
إلى طمانينة الجواب، وطيبات هذه الحياة سبيلاً إلى طيبات الحياة الأخرى ".
وتهزّه المظاهِرُ الإسلامية عموماً بعد العبادات، ما كان منها أعياد، أ و
مناسبات إسلامية، فها هو ذا يكتبُ عن ذكرى المولد النبوي الشريف:
"إنّها من أروع ذكرياتنا، ولكنَّ الذي يحشُه المرءُ خلال هذه الأحايين أنَّ
الذكرياتِ لا تتركُ آثارها فينا. . كانت تسبُّ عندنا انفعالاتنا وعواطفنا في مثل
هذ 5 الاحتفالات. . . كنا أفراداً وجماعات نجدُ في مثل هذه الأيام أروعَ صور
التجديد الداخلي النفسي الفردي والاجتماعي. . . كانت مناسبات تستصلحُ
كلَّ ما فات، وتثيرُ كلَّ الذي ركد، وتجدِّدُ كلَّ ما قد يكون عفا. . . الم يكن
في الوسع أن تكونَ مثل هذه المواقف الرائعة من جذورنا التاريخية مثاراً لكثير
من الفكر والرأي، ومجالاً للالتقاء والتسامح، ومناسبة يُسقِ! فيها الإنسانُ
(1)
(2)
سكري فيصل وصداقة خمسين عاماً، ص ه ه.
المصدر السابق، ص 4 5.
42

الصفحة 42