كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

الأوراق الذابلة الصفراء، والأغصان اليابسة الخشنة من جذع الحياة التي
يلبَسُها" (1).
وتبلغ محبة النبيّ كي! أ شغافَ قلبه، ويهتزُّ لتعظيمه كما ينبغي له، فيكتبُ
في هذا يقول:
"يا سيدي الرسول! أتراني أملكُ منك النجوى، وأستطيعُ لك البث،
وأبلغُ من ذلك السبيلَ، وأنا غائبٌ في فيؤ من روعتك، ذاهلٌ في فضاءً من
جلالِكَ، فإنَّ فيَّ ديناً من قدسيتك، أذكر دعوتَكَ الكريمةَ، فانساقُ في
جمالها المُشْرِق. . . ساعبُّ مِنْ كوثركَ الخالد - يا سيدي يا رسول اللّه - فأنا
ظماَنٌ حرَّانُ. . . وساقطف من جنّاتك المترعة، فانا نَهِمٌ شَرِهٌ، ولقد طال بيَ
الظمأُ، واشتدَّ عليَّ الجوعُ، وضلَّ بي الركبُ في قافلةٍ تظنُّ الهداية وهي
حيرى،، تدَّعي الهناءةَ وهي شقيه. . . لانها فقدت في الحياة النفسية أحفلَ
عناصرها بالإحساس، وأشدَّها أثراً في التفكير، وأقربها خطًى من الخير. .
فاستغفر لي يا سيدي يا رسول اللّه، إني إنسانٌ لا يرى بعينيه، ولكنّه يحسُّ
ببصيرته، ولا ينطوي في عقله، ولكنه ينطوي معه في حدسه. . ادعُ واستغفر
لي، فما أحوجني يا رسولَ اللّه الن الاستغفار والدعاء" (2).
ويفيض شوقُه لزيارة النبيِّ كي!، حتى ليكتبَ بمشاعر تفيض بالحب
والحنين مقالته "شكاة ونجوى من وحي الهجرة " فيقول:
"متى يا رسول اللّه. . . متى تكتحلُ عيناي بالتطلُّعِ إلن مقامِكَ الكريم في
أرض النبق الطاهرةِ، ويقدَّرُ لي أن آقفَ بين يديكَ آقرئك السلام، وأبئُكَ
الحنين، وأفنى في لثم أعتابك؟ لقد طال بي الشوق - يا رسول اللّه - إلن
الترابِ الذي لامسَ قدميك، والأرضِ التي وطئت ركائبُك، والجوِّ الذي
نثرت فيه النعيمَ والسلام. . . فمتى يا رسول اللّه متى؟ إنَّ الحنين ليحدوني،
(1)
(2)
المصدر السابق، ص 6 5.
مجلة الرسالة، السنة العاشرة، المجلد الاول، ص 16 2، سنة 942 ام.
43

الصفحة 43