كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

وإن الحبَّ ليهزّني، وإنّي لأجدُ في قلبي النورَ، وفي عيني الضياءَ، وعلى
شفتيّ النغماتِ الحلوةَ، حين أراني في مقامِكَ يا رسولَ اللّه، هادئَ النفس،
مطمئن الخاطر، كما يطمئنُّ الإنسانُ إِلى خيالات الأمل، ويهدأ إلى صور
الخير، ويهيمُ في أودبة الجمال. . . متى يا رسول اللّه " (1).
ولقد حقق اللّه له هذه الأمنية، فزإر المدينة المنورة مرات ومرات، ثم
لمّا عُرض عليه أن يكون أستاذاً في جامعتها وفي غيرها من الجامعات لم
يستبدل بها غيرها، فضَّل جوار الرسول ع! ي! علئ مجاورة غيرها، ومنَّ اللّه
عليه بثمرة هذه المحبة، فكان مثواه الأخير في البقيع حيث الصحابة رضوان
اللّه عليهم.
وإذ تبرز الصحوةُ الإسلامية في أواخر حياته، فإنّه يهتز لها، فيوليها
اهتمامه، وكان له فيها توجيه ومعالجة، وكتب في دراسة عن "الصحوة
الإسلامية بين الواقع والطموح " يقول:
"إنَّ أبرزَ ما تعنيه الصحوة الفَحاق بالركب الإنساني، إنّها تتمثّل في إنسان
نائمِ خففته القافلة وراءَها، ثم صحا فوجدَ نفسَه في مثل حالة الضياع. . .
فمضى يسعى وراء الركب ".
إنَّ أستاذنا يريدُ صحوة إسلاميةً فاعلةً: "ولذا فيجب على هذه الصحوة أ ن
تعمّقَ الأساسَ التنظيري الذي جاءنا من عند اللّه. . . تعمِّقُ فهمه دون أيِّ
خروج عن نصوص القرآن الكريم أو السنة النبوية المشرفة، أو ما التقى عليه
إجماعُ المسلمين. . . ".
ويرى أنّ "الحركة الإسلامية لا تتطلع إلى سلطة آو تحكُّم، ولا تسابقُ
أصحاب السلطة والحكم، علينا أن نستخدم ما يسمونه الديمقواطية بأصح
معانيها، لأن الصحوة تريد أن يتاح للشعوب في حكومات الإسلام أن تحقق
وجودها ".
(1) المرجع السابق، السنة التاسعة، المجلد الأول، ص 294، سنة 0 94 ام.
44

الصفحة 44