كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

ويؤمِنُ بالشورى في الإسلام، ولكن بمفهومٍ واضحٍ، فيقول:
"ولي! للشورى شكل واحد ثابت لا يقبل التغيير، ولكن لها مفهومأ ثابتاً
لا بقبل جوهره التغبير. . . اما العلم فليس شرطاً من شروط النهضة، بل هو
النهضة بذاتها" (1).
ويمكن أن تكونَ وطنيةُ أستاذنا وعروبتُه وإيمانُه بالوحدة العربية من فكر5
الذي يلحق بعقيدته الصافية، ولا نزاعَ بين الإيمان باللّه تعالئ والإيمان بحبِّ
الوطن والوحدة، وإنْ فرَّق كثير من الناس بينهما.
ووطنية أستاذنا قديمة، نشأَ عليها منذ نعومة أظفار 5، منذ كان طالباً في
المدرسة، حين تفتحَ وعيُه شيئاً فشيئاً في (مكتب عنبر) منارة العلم والجهاد
بدمشق، فكان هذا المكتب يشعُّ نورُ 5 على الطلبة حفاظاً على العروبة
ولغتها، ودفاعاً عن أرض الوطن، ومكافحة للاستعمار، فأساتذته كبار
أساتذة العربية: كالجندي، والبزم، والقواس، والمبارك، الذين أشرنا
إليهم من قبلُ، وهم صفوةُ رجال العلم والأدب والوطنية، دأبوا على تنشئة
طلابهم على الإسلام والوطنية والفخر بالعروبة، مما جعل المكتب موئل
الحركات الوطنية والاستقلالية، فيه يقف الخطباء من الطلبة، فيلهبون
العواطف والمشاعر، فتخرجُ المظاهراتُ الداعيةُ إلى الاستقلال، فإذا خرج
الطلبة إلئ شوارع دمشق يعلنون سخطهم لأمر يزعجهم سار معهم أهلها،
فتغلق المحلات التجارية أبوابها، وتصبحُ دمشق كلها كتلةً واحدةً ضد
المستعمر الفرنسي، ومن هذه الاضطرابات إضراب الخمسين يوماً عام
(936 1 م) الداعي إلى إلغاء الانتدإب للوصول إلى الاستقلال.
وكان شكري فيصل من هؤلاء الروّاد، رضعوا حبَّ الوطنية بكل معانيها،
وشاركوا في كل ما يدعوهم واجبهم الوطني لهذ 5 الغاية السامية.
(1)
من مقال: "حركات الإصلاح الاجتماعي في الإسلام "، مجلة المعرفة،
شباط 975 ام.
45

الصفحة 45