كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

وفي سنة (933 1م) تأسس حزب سياسي باسم "عصبة العمل القومي"
وكان من أعضائه "شكري فيصل "، وفي سنة (1938 م) أصدرت عصبة العمل
هذه جريدةً سياسية تحمل اسم العمل القومي. وعن هذه الفترة كتب الأستاذ
المفكر أكرم زعيتر فقال:
"كان إخواني وزملائي من أركان (عصبة العمل القومي) يصدرون في
دمشق جريدة (العمل القومي) تتكلم بلسانهم، وتدعو إلئ مبادئهم، وقد
عهدوا في رئاسة تحريرها إلئ مجاهد يعربي ذي صلابة في وطنيته، وإيثار في
سجيته هو المرحوم عثمان قاسم، وكنت أتردد على مكتبها المتواضع،
وأردفها بمقالات قومية، وألمح في زاوية فتى نحيلاً في العشرين من عمره،
مكبّا على العمل يكتب، ويصحح وينقج، وسألت عنه فقيل: إنه فتى نابغ
ينتمي إِلى العصبة ويحمل البكالورية، واسمه شكري فيصل " (1).
وظل شكري فيصل ينشر المقالات فيها، ويساعد، مُعَزَضاً نفسه لغضب
الفرنسيين المنتدبين، ومرت ايام كان فيها رئيس التحرير.
وتمزُ الأيام، ويسافر إلى مصر للحصول على الإجازة في الاداب من
القاهرة، ويلتقي هناك بكبار الوطنيين السوريين والمصريين وغيرهم من
العرب، يتناقلون اخبار فلسطين، والمذابح التي يقوم بها اليهود، وما يقوم
به الفرنسيون بسورية من قتل وتشريد، ويعود إِلئ دمشق، ويعمل بالتدريس
في ثانوياتها، وفي هذه الفترة في صيف عام (945 1 م) قام الفرنسيون بضرب
دمشق بالمدافع والطائرات، ولا يمكن لأديب مفكر كشكري فيصل إِلاَّ أ ن
يدافع بلسانه وقلمه، فكتب آنئذٍ مقالاً في (مجلة الأديب) افتتحه بقوله:
"هذه دمشقُ، تخرجُ من بين ألسنةِ النار الحمراء، وسحائب الدخان
الأسود الكثيف، وتشقُّ طريقها في غمرةِ آمواج اللهب. . همُّوا بالمدينة
يحرقونها ولايُنْذِرونها، ويدكّونها ولايُشعِرونها، ويطيحون ببنيانها
(1) د. شكري فيصل وصداقة خمسين عاماً، ص 24.
46

الصفحة 46