كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

واركانها ولا يوقظونها، ويرقصون بالرطانات فوق معالمها ومسارحها،
وتؤزّ الطائرات تصمُّ اَذان أولادِها وبنيها. . إنّه جنونُ الحقدِ، وسُعْرُ
الإجرام، وإنّها دمشق كنانةُ اللّه، وشافى صحراثه الطهور. . . ".
ويختم مقالته بقوله:
"يا أطفال العرب إ. . . أبها المنكوبون بأمهاتهم واَبائهم وإخوانهم
وأهليهم! لقد مهرتم الحرية ثمناً غالباً فلتكن دوماً ملك أيمانكم الطاهرة " (1).
وبعد التضحيات الغالية والنكبات المستمرة حصلت سورية على استقلالها
سنة (946 ام)، وتعمُّ البلادَ الأفراحُ بالنصر والظفر، وبهذه المناسبة يكتب
أستاذنا مقالاً يفيض عاطفة وطنية ونبلاً وصدقاً كأنه الشعر، وفيه:
"دعني يا صديقى أشربُ كأسَ الظفرِ، وأعبّ منها حتى الثمالة.
دعني أعلّها مرةً، وآنهلها، فقد انطلق الهزارُ الحبيبُ بعد سجنٍ طويل،
وتفتّحت له آبوابُ العيشِ الغريض.
كان يرى الأُفقَ، فلا يستطيعُ آن يحومَ فيه، ويستمع إلى الزغاريدِ فلا
يملكُ أن يتجاوبَ معها، ويرى بعبنيه مولد الفجر فلا يغنّي لولادته، وبسمة
الزهر فلا يضحكُ لبسمته.
أما اليوم. . . اليوم يا صديقي فلأهم معك في دنيا من النشوة، فهذا الهزارُ
يضرِبُ بجناحيه في الهواء، ويطوفُ في جنبات السماء، ويغنِّي ملءَ فيه
ما وسعه الغناء، ويا ما أروع الغناء!.
هذه الدوحة التى أرادوا أن تُجْتَثَّ أخلفت أغصاناً، وأنبتتْ أوراقاً، ورفت
أزهاراً، إنَّ عبيرها ملءُ جوارحنا. . فتعالَ معي نبدأ منها دعوتنا الجديدة. .
يا صديقي هذي يدي تحمِلُ قلبي، ولك تحياتي. . " (3).
(1)
(2)
مجلة الأديب: السنة الرابعة، تموز 945 أم، ص 59.
مجلة الاديب، نيسان 946 أم، السنة الخامسة، ص 6.
47

الصفحة 47