كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

وكان لا يغادر منزله صباحأ، او يعود إليه ليلاً إلا ويقبّل يديها، ويلتمس
دعاءها، حتى صار ذلك ديدنه وعادته، وبعد وفاتها كان لا ينقطع عن زيارة
قبرها وقبور اهله وأحبائه، ومن بره بوالديه برُّه بأهليهما وأصدقائهما،
يحترم كبيرهم، ويرعى صغيرهم، ويعتني بفقيرهم، ويبذل جاهه في سبيل
تحقيق مطلوبهم.
أما عن اخلاقه فلن نتعرّض لها كلها، وإنما نقف عند جوانب ثلاثة من
اخلاقه، هي الوفاء، والتواضع، وايإيثار.
1 - وفاؤه:
إنَّ خلق الوفاء أصبج نادرأ، وخصوصاً في هذا الزمن المتأخر، والوفاء
يدلُّ علئ عنصر أصيل، وعلئ ارتباط صاحبه بالماضي، واعتزازه به،
واحترامه وتوقيره للذين اخذَ عنهم، أو استفاد منهم، والودّ والمحبة للذين
نشأ معهم، لا يتنكّر لهم، بل يقتربُ منهم.
وعندما وفقه اللّه تعالى فنال شهادة الماجستير، وقام بنشر أول رسائله
الجامعية العالية صدّر مقدمة الكتاب (1) بهذا الإهداء الرفيع:
" إلى أمي!
التي علّمتني الصبر، وحبّبت إليَّ القناعة
وغالبت في غيبتي عنها الاَلام والدموعَ
وكانت تعيشُ ترقُبُ دائماً أوبةَ الغائبِ
ويرفُّ جفناها لصورته كما تتمتم شفتاها باسمه
وتسأل عنه في خلواتها وصلواتها واحلامها وسبحاتها
إلى أمي!
(1) مقدمة مناهج الدراسة الأدبية.
52

الصفحة 52