كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

التي كانت تكتم الحنوَّ في طفولتي في دمشق
ثم كانت تفجّرُ الحنينَ في فتوتي في القاهرة
إلى أمي!
وقد نذرتْ نفسها لي
متأبّيةً على كلِّ شيء، منصرفةً عن كلِّ شيءً
اهدي هذه الرسالة
ولن تكونَ شيئاً في جانب ما كانت تلقى
وإنما هو الإكبار والوفاء والبر".
وقد خصَّ والدته بمقالة في مجلة (الرسالة) بثها شجونه وحنينه إليها
بعنوان: "حنين " (1) يقول فيها:
". . . هكذا الحنين أيتها الكريمة الرؤوم. . . كهذا الليل. . تضحك علئ
جوانبه المترعة بالأسى مُنًى، وترف في ساعاته المريرة رؤًى. . وتنثر في
لياليه الكئيبة أحلائم بيضاء كهذه النجوم. . . ولكن لا عليكِ يا أماه حدّقي
وراقبي، إنَّ نظراتنا كهذه النجوم ترقصُ رقصةَ الظفرِ، وتنشدُ نشيدَ الحياة،
وترسمُ للقاء القريب دعوة كريمة ".
هذا عن بره بوالدته، وأمّا خاله فقد خصّه بجميل الثناء ووافر العرفان،
والعاطفة الصادقة، وما زال يذكره في كتبه ومقالاته وفاءً مخلصاً، ذاكراً
فضله عليه، وحبّه له، وكم كان يتمنّى أن يرى خالُه بواكير أعماله العلمية
المتميزة، فإذا فاته فما عليه إلا أن يقوم بواجب حقه عليه، فإذا به يصدّر
مقدمة كتابه الرائع "المجتمعات الإسلامية " بإهدائه هذ! الكتاب، مع شعور
بالألم الذي استولى عليه لوفاة خاله قبل أن يرى هذا الإنتاج العلميئَ لابن
أخته، الذي درجَ في بيته، وعلى يديه تخرّجَ، ومن علمه وخلقه نهَلَ،
حتى أصبحَ علماَّ مَن أعلام الامة، وأديباً من أكبر أدبائها.
(1)
مجلة الرسالة، السنة العاشرة، المجلد الاول، 942 ام، ص 272.
53

الصفحة 53