كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

حب وحنان وبشيء من تثريب خفيفٍ: كيف الأولاد؟ .. هل جلست
إليهم؟! " (1).
وامتد وفاؤه لخاله فشمل البيتَ الذي عاش فيه برعايته، هذا البيت الذي
كان قطب حركة علمية واجتماعية مرموقة في حركات دمشق خلال حكم
الملك فيصل وسنوات الانتداب، وتمر الأيام والسنون وذكره لخاله لا يبارح
مخيلته وقلمه في حله وترحاله وفي رحلته إلى توبنغن بألمانية سنة
(956 أم) (2) حنّ إلى هذا البيت، وتذكر ما كان لهذا البيت من شأن وتاريخ
علمي عريق، فكتب مقالة بعنوان: "إلى بيتنا القديم " (3) نقتطف منها ما يلي:
"أصحيحٌ يا بيتنا الذي فيه نشأتُ أنّهم. . . أهلي الذين أدير حولهم
الذكريات، ويطيف بهم القلب. . . اصحيح أنهم تركوك؟! أودعوك الحب
الذي ما عرف الناس حبّاً مثله، والحنان الذي هو أر! من قلوب الأمهات،
واحلى من وجوه الأحبةِ بعد غيالب طويلٍ. . .
أيُّها البيتُ الذي شهدتُ فيه الشمسَ، ومنه نَشَقْتُ الهواء، ومن السماء
الذي تبدو من نوافذه عرفتُ السماء. . فيه عرفتُ اللّه والعِلمَ والأسرةَ. . .
أصحيح أنّهم* ارتحلوا إلى غيرك؟!.
أضقتَ بهم يا بيتنا الذي يقع منا في القلب، وقد اتّسعتَ منهم للجيل بعد
الجيل؟! أما عاشَ فيك الأبُ، وتفتّح الأبناءُ، والتقى الأهلُ من كلِّ طرفب
على هذه المائدة التي كانت تنصب في هذه الغرفة من غرفك في الشتاء. . .
فإذا البيتُ ذو الغرف الصغيرة التي يركبُ بعضُها بعضاً في غير نظام، كانما هو
حي كامل قد انتثر فيه أولئك وهؤلاء من النسوة والرجال، ً ومن الكبار
والأطفال، ولكل منهم في كلِّ صفحة جدار منك، وفي كل موطن قدم من
أرضكَ حدث يذكره ويحنُّ إليه، ثم لا تزيدُه الأيامُ إلاَ تذكرأ له وتعلُّقأ به؟ %.
(1 (
(2 (
(3)
مجلة الآداب، الجزء2، السنة السابعة عشرة، عام 969 ام، ص 34 - 35.
في هذه الفترة انتقلت أسر؟ خاله إلى بيتٍ جديدٍ أوسع.
نشر المقال في مجلة الأديب، سنة 959 ام، الجزء الأول، ص 8 - 9.
56

الصفحة 56