كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

ومن ينسى هذه الغرفة الثي كانت زين الغرف في دمشق، كانت في
مجموعة الكتب الثي فيها أحلى ما اطمأنت إليه النفسُ. . . كادْ يدخُلها أولئك
العلماء، والذين يطلبون العلم، والدّارسون الذين يتمنّون أن يكونوا من
الدارسين.
لكأنّي - وبيني وبينك أيتها الدار كلُّ هذه الآماد الفساح - أسمعُ صوتَ هذا
العالِم الذي تدين له دمشق ثقافة ومجتمعاً بالكثير، ينبعثُ في كل
أطرافك. . . لكانّ هذا الصوت الضاحكَ يرى كلَّ هذه الاَلاف التي دخلت هذا
البيت، وما خرجت إلا مفيدةً منه، أو متعاونةَ معه، وثرتسم في رنة هذا
الصوت بسمة صاحبه، ويبدو في صداه هذا الوجه الطهور، وجه محدث
الثممام وعالمِها وعامِلها الذي عاش عيشةَ كفاحٍ وزهوٍّ واستعلاءً على الجاه
والمنصب الكبير.
أرأيتِ يا دار وجهه. . وجه خالي. .
أترين يا داري التي أحبَّ، هذا الوجه الرحبَ السمحَ. . أليس هو الذي
حبَّب إليَّ المعرفة، وركّز في نفسي أنَّ كرامة العلم فوق كل كرامة، وعلّمني
أنَّ كل مناصب الدنيا وسلطانها ليس إِ لا خداعاً باطلاً، ووهماً زائفاً؟!.
أليس هذا وجهه الذي أرى. . أترينه يا دار كما آراه، يرحمه اللّه؟!.
تحية الوفاء يا دار. . أهلي ما غادروك. . وقد علَّموا الناس الوفاء. . .
ألستِ قطعةً من أرض الوطن الحبيب. . . تحيةً يا دار، وغمرت جنباتك
السعادو)).
وقد بقي أستاذنا طيلة حياته يشعر بعاطفة الوفاء والعرفان نحو خاله،
يذكر 5 بالإكبار والتبجيل في كتبه، ومقالاته، وخصلةُ الوفاء هذه ظلت
ملازمةً له طيلة حياته في علاقاته كلِّها.
كان هذا الوفاء إذن جِبلّةً جُبِلَ عليها أستاذنا في كل مراحل حياته، مع كلّ
أساتذته ومعارفه، وفي كلِّ مؤلف من مؤلفاته حتى وفي كثير من مقالاته نجد
الوفاءَ والنبلَ، متمثّلاً بتلك الكلمات الرقيقة العذبة التي يتحدّث فيها عن
57

الصفحة 57