كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

والفخر، والهجاء، والحماسة، وهذه الطريقةُ ستتيحُ لنا تتبع الفنون الأدبية
مع الزمن، ودورانها مع العصور، وتتيج لنا ايضاًالتعرّف الهادئ للعامل
الإقليمي في الأدب، ذلك أنَّ دراسة فنّ أدبي معين حسب مراحله ترسمُ لهذا
الفن خطَّيه اللذين يمثّلانه من زمان ومكان، وتكونُ ملزمة حكماً بدراسة
المشاهير الذين نبغوا في هذا الفن، وكذلك الأدباء الذين لم ينالوا درجة عليا
من الشهرة.
وطريقة الفنون الأدبية تفيد أكبرَ الفائدةِ في الموازنة التي تتيحها بين
النماذج الأدبية، وفيما ينتج عن هذه الموازنة من خيرٍ في دراسة الادب
وتاريخه. وهذه الطريقةُ تعتمد علئ جمع النماذج الأدبية التي تدورُ حول فنّ
ما من الفنون، وتنتج لنا هذه الدراسة الموازنة بين أسلوب وأسلوب، وبين
أديب وأديب، وتعلمنا الدقة والعمق، وندرك منها جوانبَ الكمال في فن
ما، ومناحي النقص فيه.
ولكنّ الدكتور شكري يأخذُ على هذه النظرية أنَّ من أبرز عيوبها "التجزئة"
التي ثجنجُ إليها في دراسة الشاعر، ذلك أنها تدرسُ نتاجه موزعاً بين الفنون
المختلفة، أي إنها تهتم بالفنّ الأدبي، وتهمل الأديب او الشاعر.
ويأخذُ على هذه النظرية أيضاَّ أَنَّ القصيدة الواحدة تضم عدداً من الفنون
الأدبية من وقوف على الأطلال، ووصف الناقة، والغزل، والغرض
المطلوب. . فتجزئة الأئر الفني في الدراسة يحجبُ كثيراً من مميزاته.
تلك أبرز وجوه النقد لهذه النظرية، ومع ذلك فقد وجدت لها في البيئة
الجامعية بوجه خاص من يأخذ بها، ويعمل بوحيها، فشهدنا دراسة شعر
الطبيعة، وشعر الحرب، وشعر الرثاء، وشعر الغزل.
وملخّص القول -كما يقول الدكتور شكري رحمه الله - في الفرق بين
النظرية المدرسية ونظرية الفنون أنَّ الأولى تركيب ي! سى فيه التحليل، وأنَّ
الثانية تحليل يتعذّر معه التركيب، ولابدّ في تاريخ الأدب من النظرية التي
تستطيع أن تبرأ من هذين العيبين وأن تجمع بين هاتين الميزتين.
74

الصفحة 74