كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

ولا يختلف الأدب العربي في عُرْفِ النظرية الثقافية عن الاَداب الأخرى
في أنّه ثمرة للثقافات المختلفة التي غمرت العالم الإسلامي على تتابع
العصور، فالثقافات الفارسية والهندية واليونانية والرومانية وغيرها انتقلت
إلئ العرب مع شعوبها، ومن أبرز النماذج: امتزاج الثقافة العربية والفارسية
في عبد اللّه بن المقفع، وامتزاج الثقافات العربية والفارسية واليونانية في
الجاحظ، فقد حذق كثيرٌ من الأدباء -وخاصة الفرس منهم - الأدب العربي
والأدب الفارسي، فجمعوا بين محاسن الثقافتين، وهكذا نشأ أدبٌ جديد،
يحمل خصائص مشتركة، ومزايا جديدة، هي نتاج للتزاوج الثقافي،
وبذلك ف! نّ النظرية الثقافية تسرّبت إلئ الأدب على أنّه جزءٌ من تاريخ
الحضارة، غير أنّها بعيدةٌ عن دراسة الموهبةِ والحياةِ الشخصية والتجربةِ
النفسية للأديب، وكذلك تُعنى بالعناصر العقلية، والادب مزيجٌ مِنَ العناصر
العقلية والعاطفية.
ومهما يكن فالنظرية الثقافية طريقةٌ من الطرائق، ولكنّها ليست الطريقة
الوحيدةَ، وينقصها كثيرٌ من الدقة والغَوْص.
خامساً - نظرية المذاهب الفنية:
هذه النظرية تريدُ أن تدرس الأدب وفق الطوابع الفنية التي تسود في عصرٍ
من العصور الأدبية، ولقد عرفت هذه النظرية سبيلها إلئ الأدب العربي في
مرات متعاقبة، وتمسك بها جماعةٌ من مؤرّخي الأدب ونقاده في العصور
الأولى، ثم تمسك بها جماعةٌ اَخرون في العصور الحديثة.
فالمرزباني قسّم الشعراء إلئ: شعراء جاهليين، وإسلاميين، ومُحْدَثين. .
وقصد رعاية الناحية الفنية دون الزمنية.
وأمّا ابن رَشِيق في كتابه "العمدة" فقد قسّم الشعراء إلى اربعة أقسام:
شاعر خنذيد، وهو الذي يجمع إلى جودة شعره رواية الشعر الجيد من شعر
غير 5، وشاعر مُطلق، وهو مجوّدٌ إِلاَّ أنّه لا يروي لغير 5، وشاعر فقط،
وهو فوق الرديء بدرجة، وشعروو: وهو لا شيء.
76

الصفحة 76