كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

واستطاع الدكتور شكري أن يقف الموقف الثابت والقويَّ المعتمِد على
البرهان، وبيَّنَ ان دراسة الأدب على أساس النظرية الإقليمية لا تقومُ على
أساس صحيح، ولا تنتهي إلى نتيجة خصبة، ولا تؤدي إلى غاية تتلاءم مع
واقع الحياة الفنية وحاجتها إلى التوحد، لتكونَ مصدر الوحدةِ في مشاعر
متكلمي العربية ومُثُلهم.
وهذ 5 النظريات التي عرضنا لها لم ترضِ الدكتور شكري رحمه اللّه،
ونادى بمنهج جديد اوجز تعريفه له بقوله: "وحدة في الهدف، وكثرة في
الوسائل " وهذا المنهج يدعو إلئ الإفادة من النتائج التي وصلت إليها
المدارس السابقة، والحقائق التي توصلت إليها، وهو يقول بأنّ هذا المنهج
الجديد ليس منهجاً جديداً كلَّ الجدة، ولكنّه هذا التفاعل الذي تحققه
المناهج المختلفة بعد توجيهها ولفتها هذا اللفت الخاصّ، والخروج بها من
منطقة الاستئثار الضيق بالدراسة الأدبية إلئ منطقة التعاون الواسع، إنّه نوع
من التركيب الذي يعتمدُ الإبداع وأسلوب الجمع.
وانتهى الدكتور رحمه اللّه تعالئ بقوله:
"نحن نرحب بدراسة اثر الأقاليم الإسلامية في أدبها، ونحن نفرحُ
بالتعرّف الصادق إلى خصائص الجنس عند شاعر أو كاتب، ونحن نكبِرُ
دراسة الثقافات وتفاعلها، وما أَلقَتْ على الأدب من ظلال، وما أغدقت عليه
من فكر، وندس لذلك الأثر في نشأة مذاهب فنية جديدة، ونحن نتناول
الدراسة الزمنية، وما يكون من هذه الصلة بين الشعر والسياسة، ومن هنا لم
يكن المنهجُ الجديدُ قسيماً للمناهج السابقة، ولا خصماً لها، بل هو تتويج
لها، وتركيب يبدعُ النتائج التي تصل إليها. وإنَّ المنهجَ الذي يجبُ أ ن
نصطنعه يقومُ على هذا الانتقال من الفرديّ إلى العام، ومن الجزئي إلى
الكلي، فندرس الأديبَ أو الشاعرَ في كلَ أوضاعه وألوانه، ونحي! بكلِّ
مظاهره وصوره، ونتعمّق عوالمه الداخلية، ونرصدُ كلَّ أحاسيسه، فإذا
نحن نكشفُ عن هذه الروح التي سادته، والمُثُل التي أظلته ".
ويوضّجُ الأستاذ شفيق جبري منهج الدكتور شكري بقوله: "أما المنهج
78

الصفحة 78