كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

وعُدَدِها، ورأينا بأعيننا هزمها وانهزامها، وشهدنا أكثر من ذلك الروحَ الخفية
التي تدفعها إلى الفتج والتوسع في الآفاق، والخلاصة رأينا المثلَ الاعلى الذي
يصثي بها، وقد دلنا علئ هذا المثل الاعل عبد اللّه بن الزبير في خطبة من خطبه
في فتح إفريقية، إذ قال: فبتنا وباتوا، وللمسلمين دويٌّ بالقرآن كدويِّ
النحل، وبات المشركون في خمورهم وملاعبهم، فهذا الدويُّ بالقراَن هو الذي
دفع المسلمين إلى فتوحاتهم فكان لهم أملان: أمل في الدنيا وامل في الاَخرة.
هذا كله اهتدى إليه المؤرخون، ولكنَّ الشيء الذي لا يزال نجهل أكثرَهُ
او أقلّهُ، إنّما هو حالة العدو النفسية في تلك الفتوح، فنحن نعلم في هذا
العصر أنّ للحالات النفسية أثراً كبيراً في الحروب، في الهزم والانهزام
فالعُدد وحدَها لا تفسِّرُ لنا هذا الهزم وهذا الانهزام، فلا بدَّ من الوصول إلئ
أعماق النفوس، حتى نعلمَ حالاتها في مثل هذه الحروب، فكيف كانت
حالاتُ العدو النفسية في نفوس المسلمين، لاشكَّ في أنَّ جيوش المسلمين
انتفعت بضعف هذه الحالات بقدر انتفاعها بقوة رجالها وشدة إيمانهم،
فالتاريخ لا يزال غامضاً في هذا المعنئ، فهو لم يفسِّرْ لنا الحالات النفسية في
الجيوش المنهزمة وفي بلادِها، وهذا عنصرٌ ذو شأنٍ في عصرنا هذا في
تحليلات الحروب.
وإذا كان يجدرُ بنا الإشادة بكتاب الدكتور شكري فيصل (حركة الفتج
الإسلامي) فإنَّا نشيدُ به لائه لم يهمل في بعضه هذا العنصر العظيم ".
ثز في؟ لا
4 - تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام
من امرئ القيس إلى ابن أبي ربيعة (1)
يعتقد الدكتور شكري رحمه اللّه بأنَّ دراستنا للأدب العربي دراسةَ وعي
(1)
طبع بمطبعة جامعة دمشق أول مرة عام (379 أهـ= 959 أم) في: 498
صفحة، ثم أعيد طبعه عام (962 أم)، ثم طبع في مطبعة الحياة بدمشق عام
(965 أم)، ثم طبع بدار العلم للملايي! ببيروت.
86

الصفحة 86