كتاب شكري فيصل العالم الأديب المجمعي

لتطور 5 وخطاه، ورسم لمعالمه وصواه، لن تكون مجديةً ما لم تقمْ على
أساسٍ مكينٍ من الوقفة الطويلة المستأنية عند أدبنا في مراحله الأولى، بغية
التعرُّفِ الأتمّ لهذا الأدب، والتمرّس الأقوى به، وإدراك ما أفاضت هذه
النبعةُ الأصيلة على العُصور التاليات من ظلّها ومائها، وما أضفت من رونقها
وأ لَقِها.
ومن هنا كان يملأُ نفسه يوماً بعد يوم أنّه لكي تستقيمَ الدراسات الأدبية
عندنا، ولكي تتخذ وجهها الحق من نحو لغوي، ومن نحو نفسي، ومن
نحو علمي، فإنّه لابدّ لنا من ان ناخذَ آنفسنا بدراسة النصوص أولأ، وأن
نجعلَ من هذه النصوص كذلك منطلقنا وقوة الدفع في طريق دراستنا.
من ذلك كانت الركيزةُ الأولى لهذا النهج الذي مضى عليه في هذه
الدراسة، أي البَدء من النصوص فهماً لها، وتعويلاً عليها، واستنتاجاً
منها، ويبدو ذلك واضحاً حين يقفُ القارئ في دراسته لشعر عمر، فقد
درس ثلاثاً من قصائده دراسةً أبان في كلٍّ منها عن الذي تدلُّ عليه من أمر
شخصيته ونفسيته وملامح حبه ومناحي أسلوبه، ثم توّجَ ذلك بعدُ بدراسةٍ
لكلِّ شعر عمر من خلال الديوان. . وتتضج خطّةُ الدراسة في هذه الركائز
الثلاث: في التحليل، وفي التركيب، وفي المرونة والإعْناء.
ولفت نظره الحيّز الذي شغله الغزلُ من الشعر العربي، فكانت حوله أ و
فيه أولى الدراسات التي انصرفَ إليها منذ بدأ التدريس في الجامعة عام
(951 أم)، وكان يغني هذه الدراسات عاماً بعد عام بما يجتمع عند 5 من
ملاحظ، وينتهي إليه من نتائج حتى كان هذا الكتاب.
وأما عن مادة الكتاب فقد كانت دراسةً لتطور الغزل بين الجاهلية
والإسلام، وفي ضوء هذا الغرض التطوري كسّرَ الكتاب علئ ثلاثة أبواب:
الباب الأول: في الغزل الجاهلي، والباب الثاني: في الغزل في صدر
الإسلام، والباب الثالث: الغزل في العصر الأموي.
قدّم للباب الأول: بحديثٍ عن مكانة الغزل من الشعر الجاهلي، ثم قسّم
هذا الشعر تسهيلأ للدراسة إلى هذه الأقسام الكبرى من مثل الوقوف على
87

الصفحة 87