كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

فأجاب رحمه الله: "إن السؤال والجواب واردان بالمجلد السادس من
مجلة المنار سنة (1903 م)، وقد نفل صاحب المنار في صفحة (332)
ج (9) سنة (آ 190 م) عن الأستاذ محمد عبده عليه رحمة اللّه العبارة الاَتية:
"ولا يدخلُ في الربا المحرم الذي لا يشك فيه مَنْ يعطى آخرَ مالاً يستغله،
ويجعلْ له من كسبه حظاً معيناً قلّ الربج أو كثر؟ لا يدخل ذلك في الربا الجلي
المركب المخرّب للبيوت؟ لأن هذه المعاملة نافعة للعامل وصاحب المال
معاً، وذلك الربا ضارٌّ بواحدٍ بلا ذنب غير الاضطرار، ونافعٌ لاَخر بلا عمل
سوى القسوة والطمع، فلا يمكنُ حكمُهما في عدل اللّه واحداً".
وخلاصة هذا أنّ الإيداع في صندوق التوفير هو من قبيل المضاربة،
فالمودعون هم أصحابُ المال، ومصلحة البريد هي القائمة بالعمل،
والمضاربة عقدُ شركة بين طرفين على أن يكون المالُ من جانب والعملُ من
جانب والربج بينهما، وهو عقد صحيج شرعاً. واشترط الفقهاء لصحّة هذا
العقد أن لا يكون لأحدهما من الربح نصيبٌ معين اشترط لا دليلَ عليه، وكما
يصحُّ أن يكون حظاً معيناً. والأستاذ الإمام يقرر بأن عدل اللّه يأبى أن يكون
هذا التعامل النافع للعامل، ولرب المال معاً محرماً، لأن اللّه سبحانه إنّما
حرم على المسلمين ما فيه إضرار بهم من أية ناحية، وهذا نفعٌ لهم من كل
ناحية، ولا يدخل في ربا الفضل ولا في ربا النسيئة؟ لأنه نوع من المضاربة
اشترط فيه لصاحب المال حظ معين من الربج. وهذا إلاشتراط مخالف أقوال
الفقهاء، ولكنه غير مخالف نصاً في القراَن او السنة " (1).
لقد كيَّف الشيخ عبد الوهاب خلاف رحمه اللّه تبعاً لمن سبقه التوفير في
البريد بأنه عقد مضاربة، وهو تكييف غير مسلم؟ لأن الشخص الذي يوح
أمواله لدى هذا الصندوق لم يتفق مع القائمين على الصندوق على هذا
الأمر، وإنّما أوح امواله بقصد الحصول على الفوائد، فهو مقرض بزيادة
(1)
الربا لخلاف، لواء الإسلام، س (4) (1951 م)، ع (1 1)، ص:
823 - 825.
111

الصفحة 111