كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

يتزوج أكثر من زوجة واحدة، وشرط أن لا يخاف الزوجُ الجور، أي جور،
سواء اكان على زوجاته أم على ذوي أرحامه أم على نفسه، فمن خاف أ ن
يوقعه التعدد في ظلم ما وجب عليه أن يقتصر على واحدة. . ولكن كثيراً من
الأزواج المسلمين لم يقفوا بتعدد الزوجات عند حدود هذه الدائرة التي
رسمها النص القرآني، فمنهم من يتزوج أكثر من زوجة، وهو غيرُ قادر على
أن يفوم بشؤون واحدة، ومنهم من يتزوج اكثر من واحدة وهو عاجز عن
الإنفاق على والديه واولاده، ومنهم من لا يستطيع حسن معاشرة زوجة،
فيزيد السوء بمعاشرة أكثر من واحدة.
من أجل هذا نبتت فكرة وضع مشروع قانون يقضي بالإشراف على تعدد
الزوجات بعض الإشراف الذي يجعله بقدر الإمكان في حدود الدائرة الشرعية
التي رسمها القرآن، ويدفع بقدر الإمكان بعض الأخطار التي أدى إليها اندفاع
بعض الأزواج في سبيل التعدد. وهذا الإشرافُ لا يقصد به تحريم إباحة
التعدد، ولا الحكم على زواج متزوج بأنه غير صحيح، وإنما يقصد به منع
المأذون بعقود الزواج لمن يتولى آو يسجل عقد زواج متزوج إلا بعد الحصول
على إذن القاضي، ومنع القاضي من أن ياذن للمأذون بعقد زواج متزوج إلا
بعد التحقق من أن حالته يُؤْمَنُ معها قيامه بحسن المعاشرة والإنفاق على أكثر
ممن في عصمته ومن تجب نفقتهم عليه من أصوله وفروعه.
وفي رأي - رأي الشيخ خلاف - أن هذا التفكير من الوجهة الشرعية
لا اعتراض عليه لما يلي:
1 - لأنه ما هو إلا إشراف على تطبيق الاية الكريمة التي رسمت لإباحة
التعدد حدوداً، وبعض الأزواج جاوزها. ولا ينكر أحدٌ أنّ بعض الأزواج
جاوزوا الحدود الشرعية في إباحة التعدد، ولا ينكر أحدٌ أن على ولاة
المسلمين أن يقوموا بما يكفل تطبيق النص الشرعي على وجهه، ومنع من
يتجاوز حدوده.
2 - لائه من المسلّم به أنَّ النصَّ وإذا ورد عاماً أو مطلقأ، وقضت
المصلحةُ بتخصيص عمومه أو تقييد إطلاقه يخصص أو يقيد بالمصلحة،
115

الصفحة 115