كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

دون مراعاة شريعتها وعرفها وبيئتها وكل مابناه التاريخ من عاداتها
وتقاليدها، ولو كانت الأمة المصرية رُوعيت حين التقنين لها أمةً ذات قوانين
قائمة فيها. مطبقة لها سنين عديدة مستفيدة من شريعة لازمتها ثلاثة عشر
قرناً. . ولكن قضى علينا سوء حالنا أن نُحرَمَ استقلالنا التشريعي كما حُرمنا
استقلالنا السياسي والقضائي، وأن تكون جهودُ القانونيين من رجالنا ومجال
بحثهم هو التشريعي الفرنسي ومواد قوانينه وشروحها، وأنْ نتناسى قوانين
بلادنا الاصلية وشريعتنا الإسلامية، وخُيِّلَ لبعض الجاهلين انها لم تعد
صالحة لا! تكون مصدراً تشريعياً لأمة راقية في عصرنا الحاضر، وما منشأ
هذا الوهم إلا الغشاوة التي اصابت أبصارهم من تناسيها، والجهل بها،
والجاه جهودهم إلى غيرها. والإنسان أليف ما يعرفه وعدو ما يجهله " (1).
3 - وبمناسبة زحف الجيوش العربية نحو فلسطين المغصوبة لدفع الظلم
والعدوان عن عرب فلسطين، واسترداد بلادهم المغصوبة وحقوقهم
المسلوبة؟ كتب مقالة بعنوان: " التولي يوم الزحف "، حذّر تلك الجيولش من
التولي يوم الزحف. وشرح فيها حديث: "اجتنبوا السبع الموبقات. . " وذكر
منها "التولي يوم الزحف (2) "، وقال في نهاية مقالته: "هذه الموبقاتُ السبعُ
التي عَدَّها رسولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم -. والأمرُ باجتنابها هو أمرُ بحفظ ضروريات الأمة،
وكل جريمهٍ منها فيها إخلال بضروري من ضروريات الأمة، وهذا هو السرُّ
في أنّه - صلى الله عليه وسلم - عَدَّها من الموبقات " (3).
4 - واستبشر رحمه الله خيراً في ثورة الضباط الأحرار في مصر
سنة (1952 م) فاعتبرها بداية عهد جديد، ودعا القائمين عليها إلى أن يتأسوا
برسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في بنائه للنظام بعد الهجرة. فكتب مقالة بعنوان: "الهجرة
__________
(1) محاضرة الشريعة الإسلامية مصدر صالج للتشريع الحديث، منشورة في مجلة
القانون والاقتصاد، جامعة القاهرة (1359 هـ= 0 194 م)، عدد 3، 4.
(2) صحيح مسلم، كتاب (الإيمان)، باب الكبائر (262).
(3) مقالة: " التولي يوم الزحف " لواء الإسلام، (1948 م) عدد 1 1، 12.
14

الصفحة 14