كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

وقد بدأ مقاله هذا بطرح ثلاثة أسئلةٍ تتعلّق بهذا الموضوع، ثم دعا اللّه
تعالى أن يعينَه ويوفقه إلى الإجابة عن هذه الاسئلة.
ثم بيّن أنّ الرسول! ك! هو وحدَه في حياته المرجعُ للمسلمين في تعريفهم
بالأحكام الشرعية لما يحدثُ لهم من الوقائع والاستفتاءات، فكان يجيبُهم
تارةً بالوحي، وتارةً بالاجتهاد.
ولما توفي الرسولُ! ك! يه!، وخلفه الصحابةُ والتابعون والأئمةُ المجتهدون،
اجتهدوا في الوقائع الجديدة، وبهذا الاجتهاد المتّصل ظلَّ التشريعُ
الإسلامي يسايرُ تطوّرات المسلمين، ويفي بحاجاتهم.
ولكن في اواخر القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع طرأت عدَّةُ
عوامل أدّت إلى قعود المسلمين عن القيام بهذا الواجب. كما نَبتت فكرةُ
التشيّع لمذهبٍ من المذاهبِ.
ولكن وُجدَ في كل عصر من عصور المسلمين مَنْ قاوم هذه الدعوى،
واعترض عليها، وذلك لأنَّ إغلاق باب الاجتهاد لا يستند إلى آيةٍ أو حديثٍ،
وقد أدّى إلى جمود التشريع الإسلامي، ووقوفه عن مسايره الأزمان
والتطورات. هذا بالإضافة إلى ظهور كثيرمن القضايا المستجدّة التي تحتاج
إلى اجتهاد.
ثم بيّن رأيه في اخر المقال فقال: والرأي السديد هو ما فيه توفيق بين
هاتين الوجهتين، وإتقاء ضرر فوضى الاجتهاد بفتح بابه على مصراعيه،
ولضرر جمود التشريع ووقوفه عن مسايرة التطورات بسدِّ بابه على الإطلاق،
وذلك بأنْ يُسَدَّ بابُ الاجتهاد للأفراد، ويفتحَ بابُه للجماعة التشريعية التي
يختار أفرادُها من خيرة رجال العلم والدين والقانون والاقتصاد؟ لتختار هذه
الجماعةُ من مذاهب المسلمين ما هو أوفق لحاجات المسلمين، واوفى
بتحقيق مصالحهم، ولتستنبطَ أحكامَ الوقائع والمعاملات التي حدثت ولم
تتناولها النصوص، وتطبق في استنباطها مبادئ التشريع العامة.
149

الصفحة 149