كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

وقد تضمن هذا البحثُ نقطتين أساسيتين هما:
ا - الأسباب الداعية لاستيراد القوانين الوضعية من فرنسة.
2 - وصلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق في هذا العصر.
ففي النقطة الأولى بيّن اسباب اخذ القوانين المصرية من القوانين الفرنسية
والقضاء الفرنسي بدلاً من أخذها من شريعة البلاد، وهي الشريعة الإسلامية.
وارجعَ ذلك إلى انَّه في عهد الخديوي إسماعيل باشا دبّت الفوضى القضائية
بمصر، بحيث لا يتحقق من القضاء عدالة ولا ثقة؟ لا! المجالس القضائية
المحلية كانت متعدّدةً، واختصاص كل منها غيرُ محدّد تحديداً تاماً،
والتنازع بينها في الاختصاص لا ينقطعُ، ورجال القضاء فيها يؤثرون الأهواء
على القوانين، وإلى جانب هذ 5 المجالس سبع عشرة قنصلية أجنبية يستأثر
قناصلُها بالحكم في الجرائم التي يرتكبها الأجانب، ولو كان المجنئ عليه
من المصريين. ففكر نوبار باشا في علاج هذ 5 الفوضى بالنسبة إلى الأجانب
فوضع تقريرأ في سنة (1867 م) اقترح فيه إنشاء المحاكم المختلطة للفصل
في الخصومات التي يكون الأجنبيُّ طرفاً فيها، واخذ في مفاوضة الدول
ذوات الامتياز لتوافق على هذه المحاكم، وتعتمد على لائحة ترتيبها. .
وكانت الوسيلة لإقناع هؤلاء بمشروعه التعهد بأخذ قوانين هذ 5 المحاكم من
القوانين الفرنسية. وعهد نوبار إلى المحامي الفرنسي مانوري الذي كان يقيم
في الإسكندرية ان يضعَ تلك القوانين، فاستمدَّها من القوانين الفرنسية
وأحكام القضاء الفرنسي، ووضع القانون المدني، وقانون العقوبات،
والقانون الجنائي، وقانون المرافعات، والقانون التجاري، والقانون
البحري. وأُنشئَت المحاكمُ المختلطة سنة 1875 م، ومنذ ذلك الوقت
طبقت القوانين الفرنسية، وعندما رات الحكومة المصرية معالجة الفوضى
القضائية في المجالس المحلية قررت إحلال المحاكم النظامية محل المجالس
المحلية، وطبقت قوانين المحاكم المختلطة فيها، وهي القوانين الفرنسية.
هذا هو السبب الحقيقي لأخذ القوانين المصرية من القوانين الفرنسية،
ولم يكن السبب فشل الشريعة الإسلامية في تحقيق مصالح الناس والعدل
158

الصفحة 158