بينهم، ولا أنّ علماء الشريعة عجزوا عن صياغة قوانين منها تصلح للتطبيق
في هذا العصر.
وأما النقطة الثانية: فهي تتعلّق بصلاحية الشريعة الإسلامية للتطبيق في
هذا العصر. ومما يدلّ على صلاحيتها:
أ - التشريع الإسلامي بُنيَ على اسس أصلية، وهي تحقيق مصالح
الناس، والعدل بينهم.
ب - الطرق التي مهدها الإسلائم لمسايرة التشريعات وتطورات الناس
وأعرافهم، وعدم جموده عند حدٍّ معين، ومن هذه الطرق القياس،
والمصالح المرسلة، والاستحسان، والاستصحاب، والعرف وغير ذلك.
ب - أثبت الواقع التاريخي أن الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق في كل
زمان ومكان، فقد أسفر ذلك الواقع عن كفاية الشريعة بالسياسة العادلة،
وصلاحيتها لتدبير شؤون الأمة الإسلامية تدبيراً صالحاً عادلاً.
ولم يقف الامرُ عند هذه الادلة، وإنَّما ذكر بعض الشبهات التي تثار
حول هذه الصلاحية، وردَّ عليها ردأ شافياً، ومن هذه الشبهات ما يثار
حول تطبيق الحدود الإسلامية، ومنع المعاملات الربوية، ومنع شركات
التأمين، وبورصة النقود وغير ذلك.
وفي خاتمة البحث قال رحمه اللّه: "والحقُّ أنَّه لو أريدَ التقنين لتحقيق
المصالح ودفع الحرج عن الناس لا توجد في الشريعة الإسلامية عقبة في
سبيله، وإنّما تقف الشريعة عقبة في سبيل كل تقنين لا تقتضيه ضرورة،
ولا تدعو إليه حاجة، وإنَّما تقتضيه شهوات الربويين، وأطماع المقامرين،
الذين يعيشون على ابتزاز ثروة الناس، وأكل أموالهم بالباطل، واللّه أعدل
وأحكم من أن يعطل مصالح الناس ويحول دون السعة في رزقهم " (1).
(1)
الشريعة الإسلامية مصدر صالج للتشريع ص: 34.
159