كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

ولفا كثرت شكوى الناس منذُ عدة سنين من التزام المحاكم الشرعية
المصرية العمل بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة، وطلبوا أن يرفعَ
هذا الحرج، ويفكَّ هذا القيد بأن يؤخذَ القانونُ من المذاهب الأخرى إذا
كان الأخذُ بها محقّقاً مصالحَ الناس، ورافعاً لما يشعرون به من جَوْر ومسايرأ
ما طرا على الناس من تغيّر في الذمم والأحوال: لجأت الحكومة إلى تعديل
القانون، واصدرت عِدَّة قوانين منها: قانون (1920 م) في الأحوال
الشخصية، وقانون (1929 م) في الاحوال الشخصية، وقانون (1936 م)
في احكام المحاكم الشرعية والمجالس الحسبية، وهي لا تلتزمُ بمذهب
ابي حنيفة، وإنما أخذت من المذاهب الأخرى. وأخيراًاصدرت مشروعاً
في الإرث لا يلتزم بمذهب ابي حنيفة.
وآما المحور الثاني: فهو يتعلّق بالتعديلات الأساسية التي جاء بها مشروع
قانون المواريث الجديد الذي يتكون من (49) مادة. جعلت في ثمانية
أبواب:
فالباب الأول: تضمّن شروط استحقاق الإرث، والحقوق التي تؤدي من
التركة وموانع الإرث. واهم ما عدّل في هذا الباب ما جاء في موانع الإرث
في المادتين (5، 6) فإنّ المانع من الإرث في مذهب أبي حنيفة واحدٌ من
اربعةٍ: الرو، والقتلُ، واختلافُ الدين، واختلافُ الدار بين غير
المسلمين، وقد جرى التعديل في كلِّ مانع من هذه الموانع الأربعة.
فالر! حُذِفَ من الموانع بناءً على أنّه لا وجودَ له الاَن.
واما القتلُ فقد عُدِّلَ ببيان نوع القتل الذي يمنعُ من الإرث، وذلك أنَّ
القتل على مذهب ابي حنيفة يمنع من الإرث إذا كان قتلاً مباشراً، سواء أكان
عمداًام شبه عمد ام خطأًام جارياً مجرى الخطأ، ولذا إذا كان القتلُ قتلأ
بالتسبب فلا يمنعُ من الإرث. عدل هذا، وأخذ بمذهب الإمام مالك بن
أنس رضي اللّه عنه، وهو أنَّ القتل يمنع من الإرث إذا كان عمداً، سواء أكان
مباشراً أم بالتسبب، وأما القتل الخطأ والجاري مجرى الخطأ فلا يمنعُ من
الإرث؟ لأنَّ العلةَ في منع القاتل من الإرث ردُّ القصد السيء على قاصده،
174

الصفحة 174