كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

وقد بدأ رحمه اللّه ببيان حقيقة علم السياسة الشرعية، فعرفه بأنه: "علم
يبحث عمّا تُدَبَّرُ به شؤونُ الدولة الإسلامية من القوانين والنظم التي تتفق
وأصول الإسلام، وإنْ لم يقمْ على كل تدبير دليلٌ خاص " (1). وبيَّن موضوع
هذا العلم (علم السيهاسة الشرعية) وهو: النظم والقوانين التي تنظّم شؤون
الدولة، من حيث مطابقتها لأصول الدين، وتحقيقها مصالح الناس
وحاجاتهم. وحدَّدَ الغايةَ منه وهي: الوصول إلى تدبير شؤون الدولة بنظم من
دينها، والإبانة عن كفاية الإسلام بالسياسة العادلة، وتقبله رعاية مصالح
الناس في مختلف العصور" (2).
وعلى ضوء هذه الغاية أخذَ فضيلتُه بتفصيل القول في موضوعات المقرر
وبحوثه، وجعل هذا التفصيلَ في تمهيدٍ وثلاثة اقسام:
ففي التمهيد بيّن انَّ الرسول ع! ي! في حياته كان مرجعَ المسلمين في تدبير
شؤونهم العامة: من تشريع وقضاء وتنفيذٍ. وكان قانونه في هذا التدبير
ما ينزل عليه من ربه، وما يهديه إليه اجتهادُ 5، ونظر في المصالح،
وما يشير إليه أولو الراي من صحابته فيما ليس فيه تنزيل، وكان التدبير بهذ5
المصادر يتّسع لحاجات الأمة، ويكفل تحقيق مصالحها.
ثم بيّن أنَّ الإسلامَ كفيلٌ بالسياسة العادلة لأية أمة من الأمم في شؤونها
الداخلية والخارجية والمالية والسياسية.
وامّا القسم الأول فيتعلّق بالسياسة الشرعية الدستورية، حيث بيَّن فيه
شكل الحكومة، ودعائمها، وحقوق الأفراد من تقرير الحرية والمساواة،
وتشريع الأحكام الكفيلة بتحقيقها وصونها، وجميع الحقوق على تعدّدها
ترجع إلى امرين عامين:
الأول: الحرية الشخصية.
(1)
(2)
المرجع السابق.
المرجع السابق.
180

الصفحة 180