فليسَ لواحدٍ منهم ان يشرعَ حكماً مبتدأ لا يستند في تشريعه إلى نصٍّ أو قياسٍ
على منصوص عليه، وخلف التابعون الصحابة رضوان اللّه عليهم.
هذا بالنسبة للسلطة التشريعية في هذا العصر، أمّا السلطة القضائية فقد
تولاّها الخلفاء الراشدون ومن جاءَ بعدهم بأنفسهم، وتارة يعهد بها إلى
غيرهم، فقد ولي عمر بن الخطاب القضاء، وولاه أبا موسى الأشعري.
وأمّا السلطةُ التنفيذية في هذا العصر فلا توجد تفصيلات تتعلّق بكل
ولاية، وإنّما توجدُ شذرات ذكرها المؤرّخون في سير الخلفاء والولاة جمع
كثيراً منها الشيخ محمد الخضري في كتاب "محاضرات في تاريخ الأمم
الإسلامية " والأستاذ محمد كرد علي في كتاب "الإدارة الإسلامية " والكتاني
في "التراتيب الإدارية "، وهذه بعضُ الأسس الإدارية العامة التي تقوم عليها
السلطة التنفيذية:
ا - تعتمد السلطة التنفيذية على نظرية الخلافة وسلطان الخليفة؟ لأنّه بماله
من الرياسة العامة في الدولة الإسلامية، وبما عهد إليه بالبيعة من حراسة
الدين وسياسة الدنيا به كان من حقه ان يتولّى كل أعمال الدولة، وينفذ ا ي
نظام يراه كفيلاً بتنفيذ ما عاهد الأمة عليه عند بيعته.
ب - الاعتمادُ على الثورى في إصدار القرارات التي تتعلق بتدبير
الثؤون.
! - أكثر الولاة في هذا العصر يتصرّفون في شؤون ولاياتهم بمطلق
الحرية، ويخطرون الخليفة بما يطرا لهم من عظائم الامور.
د - عناية الخلفاء باختيار الولاة والعمال واختيار الاكفا فالاكفأ.
وفي العصر الثالث للإسلام: وهو عصر التدوين والأئمة المجتهدين الذي
يبتدئ من بداية القرن الثاني الهجري (101 هـ)، وينتهي بوقوف حركة
التشريع الإسلامي، وشيوع القول بسدّ باب الاجتهاد، ووجوب تقليد واحد
من الأئمة الأربعة. في هذا العصر تولّى التشريع بالمعنى الذي يقتضي بيان
184