كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

امتيازات، والتوسع في السلطة القضائية التي منحه! الرؤوساء الملّيون مما
أدى إلى إنشاء المحاكم المختلطة في سنة (1875 م) والمحاكم الأهلية في
سنة (1883 م)، والمجالس الحسبية في سنة (1896 م).
وكانت نتيجة هذه الظروف والأحوال تعدد الهيئات القضائية في مصر،
واستقلال كل هيئة عن الأخرى، واختصاص كل واحدة منها بطائفة معينة من
مواد الخصومات وأشخاص المتخاصمين وبقوانين معينة تطبق نصوصها في
قضائها، وعُني الشارع المصري بأن يحدد وظيفة كل هيئة منها حتى لا تتعدّى
واحدة حدودَ وظيفتها، فلا تفصل في مادة ليس من وظيفتها ان تقضي بينهم.
واما موقفُه من المشرع المصري فقد انتقده لكونه قد حدّد لكلّ هيئةٍ
قضائية - غير المحاكم الشرعية - من مختلطة وأهلية وحسبية وظيفتها
واختصاصها بنصوص صريحة في القوانين المتعلقة بها، في حين اغفل
المشرع ذكر الوظيفة والاختصاصات لدى المحاكم الشرعية. ومن وجوه هذا
الانتقاد:
أ- ان الاتساق التشريعي كان يقضي على الشارع المصري الذي حدّد لكل
هيئة قضائية وظيفتها على وجه العموم بنصّ في قانونها أن لا يغفلَ ذلك في
قانون المحاكم الشرعية.
ب - انّ الاختصاص المتعلّق بالوظيفة هو من النظام العام. بحيث إذاكانت
المحكمةُ فاقدةً وظيفتها بالنسبة إلى مادة الخصومة او إلى أشخاص الخصوم
كان على القاضي أن يحكمَ من تلقاء نفسه بعدم سماع الدعوى، فكان من
الواجب أن ينصّ في قانون المحاكم الشرعية على وظيفتها بوجهٍ عام بالنسبة
إلى المواد، وبالنسبة إلى الخصوم حتى لا يقضي القاضي الشرعي فيما ليس
من وظيفته ولا تتعدّى هيئة أخرى على ما هومن وظيفته.
ب - أنَّ هذا الإغفال أدّى إلى كثرة التنازع في الاختصاص بين المحاكم
الشرعية وبعض الهيئات القضائية الأخرى، وجعل للسلطة التنفيذية سبيلاً إلى
وقف تنفيذ بعض احكامها بحجة أنّه حكم صادر من هيئة لا تملكه لخروج
موضوعه أو أشخاصه عن ولايتها.
186

الصفحة 186