المقصود منه إلا إذا اَمن به العنصر الغالبُ في الأمة، واتفق مع ما يدين به
وروعي فيه ضمير 5 الديني.
ثالثاً - من الناحية العلمية: فقد عمل الغرب على العبث بالأمة بقصد
إحلال الثقافة الغربية محل الثقافة الإسلامية، فسيطر الاستعمار في الدول
العربية على التربية والتعليم، وغيَّر كثيراً من المناهج الدراسية، وبعث
المبعوثين إلى الجامعات الغربية لغسل أدمغتهم، وتحويل أنظارهم، فانبهر
الكثير منهم بالعلوم التجريبية الغريبة، وجعلوها تطغى على العلوم الشرعية
من عقيدة وتفسير وحديث وغير ذلك. مما أدى إلى ظهور دعوات هدامة في
مجال التعليم كالدعوة إلى العامية بدلاً من اللغة العربية الفصحى، واتخاذ
العامية أداة للكتابة والتأليف، والدعوة إلى أنّ الشعر الجاهلي منحول للطعن
في إعجاز القراَن الكريم، والدعوة إلى نبذ السنة النبوية بحجة أنه دخلها
الموضوع وغير الصحيح، واختلط الصحيج بغير الصحيج، فيكفي القران
وحده.
هذا بالإضافة إلى أن الاستعمار عمل على إبعاد خريجي الارهر الشريف
عن الوظائف الحكومية بحجة عدم معرفتهم بواقع العلوم العصرية،
وحصروهم في المساجد والكتاتيب، مما أدى ذلك إلى إضعاف الثقة بهم،
وإضعاف الدراسة الشرعية في الأزهر الشريف والمدارس الدينية، ومما
ساعد على ذلك جهود بعض العلماء وتعصبهم لمذاهبهم الفقهية (1).
والناظر في التكوين العلمي للشيخ عبد الوهاب خلاف وإنتاجه يجده أنّه
قد تنبه إلى هذا مبكراً، فجمع بين القديم والحديث في دراسته، حيث
درس في مدرسة القضاء الشرعي التي جمعت في مناهجها الدراسية بين
العلوم الشرعية والعلوم العصرية من قوانين معاصرة وإجراءات قضائية
عملية. قال الدكتور محمد مهدي علام: "وقد كانت البيئة العلمية العامة في
الوقت الذي نشأ فيه المرحوم عبد الوهاب خلاف ذات لونين أو طابعين: لون
__________
(1) الشيخ الخفيف لمحمد شبير: 15.
19