كتاب عبد الوهاب خلاف الفقيه الأصولي المجدد

الذي يلائِمُ حالهم، ويحقق مصالحهم، ويقيم العدل فيهم، لأن شكل
النظامٍ ممّا يختلف باختلاف الأحوال والبيئات. وقد تضمن هذا المقال
مقدمة، ومقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدستوري المعاصر.
ففي المقدمة: بيّن سببَ تشويه حقيقة الإسلام في شؤونه الدستورية. وهو
يرجِعُ إلى انّ اكثر الحكوماب الإسلامية - في عصر المؤلف - ما اهتدت بهدي
الإسلام السديد، ولا عملت على تحقيق حكمته البالغة، ولا اختارت من
أفراد الأمةِ اهلَ الحلّ والعقد الذي ينظرون في شؤونها، ويعملون لتحقيق
مصالحها الاجتماعية وطوارئها الدنيوية. ويسايرون الأزمان والأحوال في
نظمها الدستورية وغير الدستورية. وبهذا التقصير والإهمال كانت
الحكوماتُ الإسلاميةُ: إما حكومة ملكية استبدادية ليست فيها شورى
ولا مسؤولية، وهي في كل شؤونها قاعدة عن مسايرة الأمم الراقية، تحسب
أنَ التأخرَ تديناً، والجمودَ محافظةً، وإمّا حكومة تقليدية تحسبُ ان الرقي
في غير النظم الإسلامية، وان وسيلة النهوض ان تأخذ عن الدول الأجنبية،
وبهذا صارت عالةً على غيرها في قانونها الاشاسي، وفي قوانينها الفرعية.
فهذه الحكوماتُ صوّرت النظم الإسلامية بصورة مشوهة.
وآما المقارنة: فقد اشتملت على أربعة أمور اساسية ومهمة مما وصلت
إليها القوانين الدستورية الحاضرة، وهي:
أ - من ارقى المبادئ الدستورية في القوانين الحاضرة: "الأمة مصدر
السلطات في الدولة " او المراد بهذا أنّ الأمة - بواسطة نوابها - تضعُ قوانين
الدولة، فهي مصدر التشريع، وهذه القوانين هي التي يطبقها رجال
القضاء، وينفذها رجال التنفيذ، فالأمة مصدر السلطات الثلاث.
اما في الإسلام فمصدر القوانين هو القران والسنة الصحيحة وما لم يرد فيه
قراَن ولا سنة فمصدره الأمة، بواسطة أولي الأمر منها لقوله تعالى: " يأيها
اَلَذِيئَ 5َ امَنُوَا أَطِيعُوأ اَللَهس وَأَطِيعُوا اَلرشُولَ وَ) وْلى اَلْامس مِنتم لمحاِن ئَنَزَغئُم فِى شَئءٍ فَرُذُوُه إِلَى اَلئَهِ
وَاَلرَّسُولِ إِن كُئم تُؤْمَنُونَ بِاَللَّهِ وَاَقؤهاَ لْأَخِرذَ لَكَ ضَئرٌ وَأَخسَنُ تَأوِدلا"] ا لنسا ء: 9 5،.
فماذا كان مصدر السلطات الثلاث في القوانين الحاضرة هي الأمة وحدها؟
190

الصفحة 190