قديم ينادي بالتمسك بكل تقليد قائم في تعليم اللغة والشريعة، والنفور من
الاشتغال بالعلوم العقلية او الرياضية. ولون آخر فتي جديد، بعثه اللّه على يد
الإمام محمد عبد 5 في آخر القرن التاسع عشر، وكان ينادي جادّاً بتحطيم
هذه القيود، وعبور هذه الحدود، وبأن الإسلام وهو دين العلم بكل ما فيه
لا يقف بالعقل البشري عند حد معين. وكان المرحوم عبد الوهاب خلاف من
أبناء هذه المدرسة. ولقد لقيت تعاليمُها ومبادؤها حظاً وافرإً من الذيوع على
يديه حين كان مدرساً بمدرسة القضاء الشرعي، فخرَّج جيلاً من القضاة
الشرعيين المؤمنين بالتجديد" (1).
وفي مقال: "التطهير" (2) قال رحمه اللّه في محاربة المنحرفين: "في مصر
كثير من الشباب والناشئين مسممة عقولهم بعقائد فاسدة من الزيغ والإلحاد
وجحود كثير من العقائد الصحيحة، وهؤلاء الزائغون الملحدون يزعمون
أنهم مثقفون، ويحملون على الاديان، وأنها لا تصلج الاَن لإصلاح
المجتمع، وهم واللّه ما عرفوا الأديان، ولا تديَّنوا بها، وإنّما هم إباحيون
مستهترون بهيميون، يريدون ان يتحلّلوا مما حرمته الأديان، ومما فرضته
الأديان، فحملوا عليها لانه عقبة في سبيل شهواتهم وإباحيتهم ".
وفي رد 5 على سؤال حول المنحرفين: هل يكتفى بقوة الحجة والبرهان
عليهم أم أنّ قوة القانون والحاكم هي التي تتخذ في الرد عليهم مع الإقناع؟.
أجاب رحمه اللّه: "خير جواب على هذا السؤال هو ما سلكه رسول اللّه
- صلى الله عليه وسلم - مع المكابرين، فإنّ رسول الله! حدّ دعا إلى الإيمان باللّه ورسله، وترك
الشرك والأصنام والأوثان، وأقام على دعوته ما استطاع من البراهين العقلية
والوجدانية الكافية للإقناع، فمن الناس من اقتنع بهذه البراهين واَمن. ومن
الناس من كابروا وأصروا وصرحوا بأنّ هذا الذي يدعو إليه لا يمكن أن يكون
دينهم " وَ إِد قَالُوا آللَّهُوَّ إِن كاَتَ هَذَا هُوَ أ لحَقَّ مِن عِدِكَ فَأَمطِزعَلَتنَا حِجَمارًةَ
__________
(1) المجمعيون في خمسين عاماً لمحمد مهدي علام ص: 185.
(2) مقال: " التطهير" لواء الاسلام (952 1 م)، عدد (6)، ص: 0 35.