سنة (1888 م) حيث اعدَّ نظامأ خاصاً لتخصص القضاء والإفتاء في دار
العلوم (1)، ولكن سرعان ما ألغي هذا التخصص في سنة (1895 م)، ثم
أعاد الفكرة الشيخ محمد عبده في التقرير الذي أعده عن القضاء الشرعي في
مصر، فاقترح إنشاء مدرسة لتخريج قضاة شرعيين أكْفاء، فوافقت الدولة
على ذلك، وصدر قرار إنشاء المدرسة في فبراير (1907 م) على أن تكون
قسماً من الأزهر الشريف، ويكون لها محلٌّ خاص، وتنقسم إلى قسمين:
الاول: لتخريج كتاب المحاكم الشرعية، والثاني: لتخريج قضاة شرعيين.
وقد عينت الدولة لجنة مشكلة من الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية
رئيساً، وحسين رشدي أحد القضاة في المحاكم المختلطة، وأمين سامي
بك مدير مدرسة الناصرية، والشيخ محمد زيد الأبياني المدرس بمدرسة
الحقوق أعضاء، وأحمد سمير سكرتيراً للجنة، وأنيط بهذه اللجنة تحضير
لائحة للمدرسة، ووضع مناهج الدراسة والكتب الدراسية.
ولما أنهت اللجنة عملها وقدمته للدولة أصدرت الدولة قرارها النهائي
بإنشاء هذه المدرسة على أن يتخذ التعليم فيها صبغة حرّة، فلا يقتصر على
دراسة المسائل الدينية فقط، والطلبة الذين يختارون يتلقون التعليم مجاناً،
وتعطى لهم مكافأة شهرية على مثال الأزهر، والشهادة التي تعطى لمن
يجوزون الشروط اللازمة للتعيين في وظائف القضاة أو المفتين أو الاعضاء
في المجالس تكون مماثلة للشهادة التي يمنحها الأزهر، وأساتذة المدرسة
الذين سينتخبون من العلماء الذين امتازوا بالكفاءة، ولكن يجب أن يكون
للحكومة رقابة حقيقية على سير الامتحانات، فألحقت بوزارة المعارف في
عهد وزارة سعد باشا زغلول.
واختير لإدارة هذه المدرسة الأستاذ محمد عاطف بركات، وقد عرف
بالعلم والدقة في الأمور. قال فيه الشيخ عبد الوهاب خلاف: "أشهد باللّه انه
كان رجلاً من أفضل رجالات مصر قوة إرادةٍ، ومضاءَ عزيمةٍ، وشدّةَ حز!،
(1) التعليم في مصر في سنتي (1914 - 1915 م) لأمين سامي باشا، ص: 92.
29